مستويات قياسية.. هل تواصل المعادن النفيسة رحلة الصعود التاريخي في الأسواق العالمية؟

توقعات أسعار المعادن النفيسة عالميا شهدت خلال الساعات الأخيرة تحولات دراماتيكية غير مسبوقة في تاريخ الأسواق المالية؛ حيث قفزت الفضة والذهب إلى مستويات تاريخية مدفوعة بمزيج معقد من التوترات الجيوسياسية المتصاعدة وتزايد الرهانات على سياسات التيسير النقدي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعل المستثمرين يندفعون بقوة نحو الملاذات الآمنة لحماية محافظهم المالية من التقلبات الاقتصادية العالمية الراهنة.

أسباب قفزة الفضة وتوقعات أسعار المعادن النفيسة عالميا

سجلت الفضة في المعاملات الفورية أداء وصفه الخبراء بالإعجازي، بعدما ارتفعت بنسبة 7.5% لتصل إلى مستوى 77.30 دولاراً للأوقية، بل إنها لامست خلال الجلسة ذروة تاريخية عند 77.40 دولاراً وفقاً لبيانات رويترز؛ وبناءً على ذلك وصلت مكاسب المعدن الأبيض منذ مطلع العام الجاري إلى نحو 167%، وهي زيادة مدعومة بنقص حاد في المعروض العالمي وتصنيف الولايات المتحدة للفضة كمعدن حيوي واستراتيجي، وقد أشارت وكالة بلومبرغ إلى أن هذا الصعود المثير جاء نتيجة ثلاثة عوامل جوهرية تتلخص في الآتي:

  • اضطرابات العرض المتمثلة في نقص مخزونات لندن القياسية وانخفاض مخزونات بورصة شنغهاي لأدنى مستوى منذ عام 2015.
  • الطلب الصناعي المتزايد وخاصة الفجوة المستمرة منذ خمس سنوات بين الإنتاج والطلب في قطاعات الإلكترونيات والألواح الشمسية المتطورة.
  • الضغوط التاريخية التي تعرضت لها مراكز البيع المكشوف في شهر أكتوبر الماضي، مما عجل بعمليات الشراء لتغطية المراكز المكشوفة.

توقعات أسعار المعادن النفيسة عالميا في ظل صعود الذهب والبلاتين

واصل المعدن الأصفر تحطيم كافة الأرقام القياسية المسجلة سابقاً، إذ صعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.2% ليستقر عند 4531.41 دولاراً للأوقية، وذلك بعد تسجيله قمة غير مسبوقة عند 4549.71 دولاراً في وقت سابق من التداولات؛ ويرى المحللون في بلومبرغ أن هذا الزخم يرتبط مباشرة بالتوترات الجيوسياسية، ولا سيما الحصار الأمريكي المفروض على ناقلات النفط الفنزويلية، إضافة إلى التخوف من تهديدات الرئيس دونالد ترامب تجاه التجارة العالمية واستقلالية البنك الفيدرالي، مما عزز “تجارة خفض العملة” وجعل صناديق المؤشرات مثل صندوق SPDR Gold Trust ترفع حيازاتها بأكثر من الخمس هذا العام؛ وفيما يلي جدول يوضح حركة الأسعار التاريخية التي سجلتها المعادن خلال هذه الطفرة:

المعدن النفيس السعر المسجل (دولار) نسبة الارتفاع أو الحالة
الذهب (المعاملات الفورية) 4531.41 دولار ارتفاع بنسبة 1.2%
الفضة (الأداء السنوي) 77.30 دولار مكاسب بنسبة 167%
البلاتين (أداء أسبوعي) 2437.72 دولار ارتفاع بنسبة 9.8%
البلاديوم (أعلى مستوى في 3 سنوات) 1927.81 دولار قفزة بنسبة 14%

الرؤية التحليلية لمستقبل وتوقعات أسعار المعادن النفيسة عالميا 2026

يؤكد بيتر جرانت، كبير استراتيجيي المعادن لدى زانر ميتالز، أن استمرار ضعف الدولار الأمريكي والتوقعات بمزيد من التيسير النقدي خلال عام 2026 يمثلان المحركين الأساسيين لهذا الاتجاه الصعودي القوي؛ ومن جانبه رفع بنك غولدمان ساكس توقعاته للذهب ليصل إلى مستوى 4900 دولار للأونصة بحلول عام 2026، وعلى الرغم من أن مؤشر القوة النسبية (RSI) قد تجاوز مستوى 80 نقطة مما يشير إلى حالة تشبع شرائي فني، إلا أن المحللين الدوليين يرون أن مستويات الدعم الحالية عند 4500 دولار للذهب و70 دولاراً للفضة قد تحولت من مستويات مقاومة صعبة إلى نقاط انطلاق مرجعية جديدة نحو مستويات أعلى في المستقبل القريب؛ وبناءً على المعطيات الاقتصادية الحالية، يظل السوق في حالة ترقب شديد لما ستسفر عنه السياسات الاقتصادية الأمريكية وأثرها على قيمة العملة والطلب العالمي على الثروات المعدنية.

تعكس هذه القفزات الجماعية في أسعار الذهب والفضة والبلاتين حالة من عدم اليقين التي تسيطر على المشهد المالي العالمي، حيث تظل توقعات أسعار المعادن النفيسة عالميا مرتبطة بشكل وثيق بالقرارات السياسية والمؤشرات الصناعية الكبرى التي ترسم ملامح الاقتصاد الدولي في السنوات المقبلة.