سعره يتراجع عالميًا.. البنك المركزي الروسي يرفع قيمة الروبل مقابل الدولار وبعضلات متقلبة

سياسة البنك المركزي الروسي النقدية تتجه بشكل مكثف نحو تعزيز قوة العملة المحلية وتطويق معدلات التضخم التي أصبحت الشغل الشاغل لصناع القرار الاقتصادي في موسكو؛ إذ أظهرت التحديثات الأخيرة استمرار البنك في رفع القيمة الرسمية لصرف الروبل مقابل سلة العملات العالمية الكبرى وفي مقدمتها الدولار الأمريكي، وهذا التوجه يتزامن مع تحركات قانونية حازمة لحماية الأصول السيادية الروسية المحتجزة في الخارج.

أداء صرف الروبل ضمن سياسة البنك المركزي الروسي النقدية

شهدت تداولات سوق العملات تحسنًا ملحوظًا في مراكز العملة الروسية، حيث أعلن السلطات النقدية عن زيادة سعر الروبل بواقع 19 كوبيكاً أمام الدولار الأمريكي ليستقر عند مستوى 77.7 روبل؛ بينما قفز الروبل بمقدار 68 كوبيكاً أمام اليورو الموحد ليصل إلى 91.2 روبل، ولم يقتصر هذا الصعود على العملات الغربية بل امتد ليشمل اليوان الصيني بزيادة قدرها 3 كوبيكات ليتوقف عند 11.04 روبل، وتأتي هذه التحركات وسط إستراتيجية شاملة بدأت ملامحها في عام 2023 حينما اتخذت روسيا قرارًا تاريخيًا باستبعاد الدولار واليورو من هيكل احتياطياتها الدولية، والاعتماد بشكل كلي على أصول أكثر استقرارًا وتحررًا من التبعية الغربية وهو ما يفسر الاعتماد الحالي على الذهب واليوان الصيني وفق نسب دقيقة تضمن التوازن المالي للدولة.

العملة الأجنبية سعر الصرف الرسمي أمام الروبل قيمة الزيادة (بالكوبيك)
الدولار الأمريكي 77.7 روبل 19 كوبيكاً
اليورو الأوروبي 91.2 روبل 68 كوبيكاً
اليوان الصيني 11.04 روبل 3 كوبيكات

حماية الأصول المجمدة ودور سياسة البنك المركزي الروسي النقدية

تتصاعد حدة المواجهة القانونية بين موسكو وبروكسل على خلفية الأصول المالية الروسية التي يسعى الاتحاد الأوروبي لاستغلالها بطريقة تراها روسيا مخالفة صريحة لكل القوانين الدولية؛ حيث أكد المركزي الروسي أن كافة المقترحات الأوروبية المتعلقة بهذا الشأن غير قانونية وتعتبر انتهاكًا صارخًا لمبدأ الحصانة السيادية للأصول الوطنية، وفي خطوة تصعيدية قام البنك برفع دعوى قضائية رسمية أمام إحدى محاكم موسكو ضد مؤسسة “يوروكلير” المالية التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، متهماً إياها بعرقلة حقه في التصرف في أمواله وأوراقه المالية الضخمة التي تحتجزها المؤسسة، وشدد البيان الروسي على أن الدولة تحتفظ بكامل الحق في استخدام كافة الوسائل والآليات المتاحة قانونيًا لردع أي محاولة للمساس بهذه الأصول أو استخدامها بشكل مباشر أو غير مباشر دون موافقة رسمية من السلطات المختصة في روسيا.

أسعار الفائدة ومستقبل سياسة البنك المركزي الروسي النقدية

رغم الضغوط الخارجية والداخلية، تواصل المؤسسة النقدية الروسية المسار المتشدد لضبط الإيقاع الاقتصادي، حيث خفص البنك سعر الفائدة الرئيسي للمرة الخامسة تواليًا ليصل إلى 16% نزولاً من 16.5%؛ إلا أن هذا التخفيض لا يعني التخلي عن السياسة التقييدية التي تهدف إلى كبح التضخم وإعادته للمستويات المستهدفة، وتتضمن الخطة المالية الروسية عدة أهداف استراتيجية للمرحلة المقبلة تشمل ما يلي:

  • الإبقاء على تكاليف الاقتراض عند مستويات تضمن عدم حدوث طفرات تضخمية مفاجئة.
  • التحرك الحذر نحو “المستوى المحايد” للفائدة لضمان استقرار الأسواق دون الإضرار بالنمو الاقتصادي.
  • توجيه السياسة النقدية لتعزيز حصة الذهب بنسبة 40% واليوان بنسبة 60% في الاحتياطيات.
  • مواجهة التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي ليصل إلى 1% عبر موازنة دقيقة بين الإنفاق والادخار.

وتشير البيانات الصادرة مؤخرًا إلى نجاح أولي في هذه التوجهات، حيث تباطأ معدل التضخم السنوي إلى 5.8% في منتصف ديسمبر الحالي؛ مما يعكس قدرة الأدوات النقدية المتبعة على امتصاص الصدمات السعرية وتحقيق استقرار نسبي في الاقتصاد الكلي رغم تراجع التوقعات بشأن معدلات النمو من 4.3% في العام الماضي إلى مستويات أقل في العام الجاري، وهذا التباطؤ هو الثمن الذي تراه القيادة المالية ضروريًا لضمان سلامة العملة الوطنية وتفادي انهيار القوة الشرائية للمواطنين، مع استمرار التأكيد على أن فترة التشدد النقدي قد تطول حتى يتم التأكد تمامًا من استقرار الأسعار وثبات الروبل في الأسواق العالمية بعيدًا عن هيمنة العملات الغربية التي أصبحت جزءًا من الماضي في الدفاتر الروسية الرسمية.