380 مليار دولار.. خبير يكشف تطورات حجم الدين العام المصري الجديد

حجم الدين العام لمصر يمثل واحدًا من أكثر الملفات الاقتصادية تعقيدًا في الوقت الراهن؛ حيث تشير التقديرات الحديثة إلى أن إجمالي هذه الالتزامات المالية يتراوح ما بين 370 و380 مليار دولار، وهو ما يعكس حجم التحديات المتراكمة التي تواجه صانع القرار المصري في سبيل ضمان الاستقرار المالي الكلي، وتتطلب هذه الأرقام الضخمة التي تجمع بين الشقين الداخلي والخارجي استراتيجيات وطنية شاملة لإعادة الهيكلة وتقليل الضغوط المتزايدة على الموازنة العامة للدولة خلال السنوات القليلة القادمة.

توزيع إحصائيات حجم الدين العام لمصر وعلاقتها بالناتج المحلي

تتوزع الأعباء المالية ضمن حجم الدين العام لمصر لتكشف عن فجوات هيكلية تستوجب التدقيق الحذر، فمن الناحية الرقمية يبلغ الدين الداخلي نحو 11 تريليون جنيه مصري، بينما يستقر الشق الخارجي عند مستويات تقترب من 7.5 تريليون جنيه، وهو ما يعادل تقريبًا 161 مليار دولار أمريكي وفقًا لتصريحات الخبير الاقتصادي محمد فؤاد التي أدلى بها مؤخرًا، وتصبح هذه الأرقام أكثر وضوحًا عند مقارنتها بالناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام المالي 2025/2026 والبالغ 20 تريليون جنيه؛ إذ إن النسبة الرسمية المعلنة للدين تبلغ حوالي 84% لكن التقديرات الفعلية تشير إلى احتمالية ملامستها لحاجز 90%، وهي مستويات تبتعد كليًا عن الأرقام التاريخية المسجلة في عام 1975 حينما لم يكن الدين يتجاوز 11 مليار دولار بنسبة لا تتعدى 50% من الناتج القومي كما يوضح الجدول التالي:

نوع المؤشر الاقتصادي القيمة التقديرية (بالدولار أو الجنيه)
إجمالي حجم الدين العام لمصر 370 – 380 مليار دولار
قيمة الدين الخارجي المصري 161 مليار دولار (7.5 تريليون جنيه)
قيمة الدين الداخلي المصري 11 تريليون جنيه مصري
الناتج المحلي المتوقع 2025/2026 20 تريليون جنيه مصري

خطة الحكومة لتقليص حجم الدين العام لمصر عبر مبادلة الأصول

تتبنى الدولة المصرية حاليًا خطة طموحة تسعى من خلالها إلى خفض حجم الدين العام لمصر إلى مستويات آمنة لم تشهدها الأسواق منذ خمسة عقود تقريبًا، وهذه الخطة التي تندرج تحت ما يسمى بالسردية الوطنية للتنمية تستهدف الوصول بنسبة الدين إلى ما بين 70% و85% بحلول عام 2030 عبر آليات غير تقليدية تتجاوز الحلول النقدية المعتادة، ويأتي على رأس هذه الآليات نظام مبادلة الديون بالاستثمارات، وهو المسار الذي يتيح تحويل جزء من الالتزامات الخارجية البالغة 161 مليار دولار إلى أصول إنتاجية وتنموية كبرى تشمل الموانئ والأراضي والمصانع الاستراتيجية، على نحو يشبه الصفقات الكبرى التي تمت مع دول مثل الإمارات وقطر لضمان تصفير جزء من الديون وتحويلها لمشاريع تدر دخلاً مستدامًا وتخفف عبء الفوائد المتراكمة وفق النقاط التالية:

  • تحويل المبالغ المستحقة كديون خارجية إلى استثمارات مباشرة في مشاريع قومية.
  • تطبيق برامج مبادلة الأصول بالديون لتقليل الاعتماد على السيولة الدولارية الفورية.
  • بدء مفاوضات دولية للحصول على إعفاءات جزئية من الالتزامات المالية القائمة.
  • خلق جدول زمني يمتد لخمس سنوات لتحقيق الانخفاض المستهدف قبل نهاية العقد الحالي.

تأثير ضعف الإيرادات على استدامة حجم الدين العام لمصر

تظل قضية تراجع الإيرادات الهيكلية هي التحدي الأبرز الذي يعيق السيطرة الكاملة على حجم الدين العام لمصر في المدى القريب؛ حيث إن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في حجم المبالغ المقترضة بل في تدني نسبة الإيرادات العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي التي وصلت لأدنى مستوياتها منذ نصف قرن، وهذا الوضع يجعل من عمليات مبادلة الأصول مجرد مسكنات مؤقتة ما لم يتبعها إصلاح جذري وشامل لمنظومة تحصيل الإيرادات العامة للدولة، وتتضاعف هذه الضغوط مع رصد ارتفاع ملحوظ في ديون الأسر المصرية التي تخطت حاجز 28 مليار دولار منذ قرار تعويم الجنيه، مما يفرض ضرورة ملحة لخلق اقتصاد إنتاجي قادر على توليد التدفقات النقدية اللازمة لسداد الالتزامات دون المساس بالنمو الاقتصادي العام أو استقرار الموازنة العامة.

إن الانتقال إلى مرحلة الاستقرار المالي يتطلب التزامًا صارمًا بتنفيذ التوصيات الاقتصادية الواردة في السردية الوطنية، مع التركيز المكثف على تحويل الحلول المحاسبية إلى سياسات هيكلية دائمة تحافظ على حجم الدين العام لمصر في نطاقات آمنة تضمن حقوق الأجيال الصاعدة وتدعم قوة الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمات العالمية المتقلبة.