استقرار الصرف.. تحركات سعر الدينار العراقي أمام الدولار وبقية العملات الأجنبية

سعر صرف الدولار في العراق يشهد استقراراً ملحوظاً خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث استقر الدينار العراقي عند مستويات ثابتة أمام العملة الأميركية ومعظم العملات العربية في المصارف الرسمية؛ وبلغ سعر صرف الورقة الخضراء نحو 1310 دنانير عراقية، وهو ما يعكس حالة من التوازن نتيجة غياب الضغوط المباشرة على سوق الصرف، بالإضافة إلى السياسة النقدية الفعالة التي ينتهجها البنك المركزي العراقي في تثبيت السعر اليومي وتأمين احتياجات السوق المحلية من النقد الأجنبي بانتظام.

تحديثات سعر صرف الدولار في العراق والعملات الأجنبية

تتبعت الأسواق المالية حركة العملات العالمية مقابل العملة الوطنية، وقد أظهرت البيانات الرسمية تبايناً طفيفاً في قيم العملات الأجنبية الأخرى أمام الدينار، إذ سجل اليورو الأوروبي مستوى 1516.2 دينار، بينما استقر سعر الجنيه الإسترليني عند 1778.9 دينار عراقي؛ وفيما يخص العملات الآسيوية والكندية، فقد سجل الين الياباني قيمة 9.08 دينار، واليوان الصيني 182.4 دينار، في حين بلغ سعر صرف الدولار الكندي 966.2 دينار، أما الليرة التركية فقد جرى تداولها عند 33.3 دينار عراقي، مما يشير إلى مرونة نسبية في التعاملات الخارجية التي ترتبط بأسواق استيراد واسعة النطاق تؤثر بشكل مباشر على سعر صرف الدولار في العراق وتوافره للعمليات التجارية المختلفة والتحويلات المالية التي تتم عبر القنوات الرسمية بإشراف مباشر من السلطات النقدية والمالية في البلاد.

العوامل المؤثرة على سعر صرف الدولار في العراق وتحولاته

يرى الخبراء والمراقبون للشأن المالي أن استقرار أسعار الصرف يعود إلى تدفقات النقد الأجنبي المتواصلة، وقد حدد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أربعة عوامل استراتيجية تدعم موقع البلاد المالي؛ وتتمثل هذه الركائز فيما يلي:

• المكانة العالمية للعراق كثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك والشرق الأوسط، مما يضمن تدفقات دولارية مستمرة.
• امتلاك البلاد لرابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، وهو ما يعزز الثقة السيادية في الاقتصاد الوطني أمام المؤسسات الدولية.
• توليد فوائض مالية ضخمة يتم توجيهها لتطوير البنى التحتية المالية وتحسين كفاءة القطاع المصرفي العراقي.
• السعي الجاد لبناء شراكات إقليمية ودولية مع مراكز مالية عالمية في دبي وسنغافورة، والانضمام المحتمل لأنظمة دفع دولية مثل بريكس.

هذه العوامل مجتمعة تساهم في الحفاظ على سعر صرف الدولار في العراق ضمن نطاق مسيطر عليه، وتؤسس لمرحلة جديدة تهدف إلى تحويل العراق إلى مركز مالي إقليمي قادر على جذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير قدرات القطاع الخاص عبر الاستعانة بخبرات دولية متخصصة لرفع جودة الخدمات المصرفية المقدمة للمواطنين والمستثمرين على حد سواء؛ مع التركيز على حماية العملة من المضاربات غير القانونية التي قد تؤثر على القوة الشرائية للدينار.

الاحتياطيات النقدية وحماية سعر صرف الدولار في العراق

أكد المسؤولون في البنك المركزي العراقي أن متانة المركز المالي للبلاد هي الضمانة الحقيقية لاستقرار سعر صرف الدولار في العراق، حيث تجاوز حجم الاحتياطيات من النقد الأجنبي حاجز 100 مليار دولار أميركي، وهو رقم يعكس قدرة تاريخية على تغطية كافة الالتزامات المالية والواردات السلعية؛ وصرح مدير عام دائرة الاستثمارات، محمد يونس، بأن هذه السيولة الضخمة متوفرة بالكامل ولا يوجد أي نقص في المعروض النقدي سواء بالدينار أو الدولار، لافتاً إلى أن العراق يمتلك أيضاً احتياطياً استراتيجياً من الذهب الخالص يفوق 163 طناً، مما يضع البلاد في مراكز متقدمة عالمياً في تأمين الأصول السيادية بعيداً عن تقلبات الأسواق المالية الحادة التي قد تطرأ بين الحين والآخر في ظل الظروف الجيوسياسية الراهنة بفضل إتباع معايير أمان عالية جداً.

تتم إدارة هذه الاحتياطيات الضخمة وفق رؤية فنية بعيدة عن مبدأ الربحية المباشرة، إذ يركز البنك المركزي على تحقيق عوائد معقلولة مع الحفاظ على الأمان المطلق للأموال العامة واستثمارها في أدوات مالية آمنة ومدروسة بعناية؛ ويهدف هذا التوجه إلى ضمان صمود الاقتصاد أمام أي صدمات خارجية قد تضغط على سعر صرف الدولار في العراق، وهي استراتيجية أثمرت عن تحقيق توازن مستمر في سوق الصرف وتوفر العملة الصعبة للاستيراد بأسعار رسمية، كما يشدد البنك على أن المسار الاقتصادي الحالي يمضي في الطريق الصحيح نحو تحقيق نمو مستدام، مدعوماً بفوائض مالية تساهم في تعزيز البنية المالية والتحول الرقمي في المعاملات المصرفية التي تضمن الشفافية والرقابة الفعالة على حركة الأموال داخل وخارج البلاد بشكل قانوني ومنظم.

تستمر السلطات المالية في رصد كافة المتغيرات اللحظية التي قد تطرأ على سعر صرف الدولار في العراق، مع التأكيد على أن كافة الأدوات النقدية مسخرة حالياً للحفاظ على الهدوء في الأسواق المحلية؛ ومن المتوقع أن يستمر هذا الاستقرار مع تزايد كفاءة المصارف في تنفيذ الحوالات الخارجية، واعتماد العراق على احتياطياته الكبيرة لتنفيذ مشاريع التنمية الكبرى، حيث تظل وفرة السيولة بالدولار هي المحرك الأساسي لاستقرار أسعار السلع والخدمات في الشارع العراقي.