أعلى مستوى بـ 5 أشهر.. الدولار الكندي يسجل قفزة جديدة أمام العملات الرئيسية

سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي حقق مؤخراً طفرة ملحوظة في الأسواق العالمية بوصوله إلى قمة سعرية لم يطرق أبوابها منذ خمسة أشهر تقريباً، حيث استمدت العملة الكندية مدداً قوياً من انتعاش قطاع السلع والمواد الخام الأساسية التي تمثل عماد الاقتصاد الوطني، وهو ما ساعد بفعالية في تحييد الأثر السلبي للتقارير المحلية الضعيفة المرتبطة بإنتاجية المصانع، ليرسل هذا الصعود رسالة واضحة للمتداولين حول متانة الوضع المالي في كندا وقدرته على الصمود أمام احتمالات الانكماش الاقتصادي العالمي.

الأسباب الكامنة وراء قفزة سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي

تكاتفت عدة عوامل تقنية واقتصادية لرسم ملامح هذا الارتفاع التاريخي الذي سجله سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي في التداولات الصباحية، إذ استقر الزوج عند مستوى 1.3672 وهو ما يمنح الكندي قيمة شرائية تناهز 73.14 سنت أمريكي ليسجل نمواً بنسبة 0.1% بعد بلوغه ذروة التداول عند 1.3666، ويؤكد محللو “سكوتيا بنك” شون أوزبورن وإريك ثيوريت أن هذا التحسن ليس مجرد صدفة عابرة؛ بل هو نتاج تراجع مؤشر الدولار الأمريكي عالمياً خلال الثلاثين يوماً الماضية بالتوازي مع تفوق البيانات الكندية في بعض القطاعات الحيوية مقارنة بالأرقام الصادرة من واشنطن، وقد أدى هذا التناغم بين العوامل الفنية والأساسية إلى زيادة إقبال المستثمرين على العملة الكندية التي تستجيب بشكل إيجابي فور ارتفاع أسعار الموارد الطبيعية في البورصات الدولية، مما جعل المراكز الاستثمارية تنحاز بشكل واضح لصالح “اللومي” في مواجهة العملة الخضراء التي عانت من بعض الضغوط الهبوطية نتيجة تغير خريطة التدفقات النقدية نحو الأصول المرتبطة بالسلع.

ارتباط سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي بالنفط والسندات

لا يمكن الحديث عن مسار سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي دون التطرق إلى حركة أسعار الطاقة وتحديداً “الذهب الأسود” الذي يعد المحرك الأول لصادرات تورونتو، حيث واصلت أسعار النفط سلسلة مكاسبها للجلسة السادسة على التوالي مع تصاعد المخاوف بشأن استدامة الإمدادات من فنزويلا وروسيا؛ لتقفز العقود الآجلة للخام الأمريكي نحو مستوى 58.43 دولار للبرميل موفرة غطاءً نقدياً قوياً للعملة الكندية، كما شهدت أسواق السندات تحركاً محورياً تمثل في تقلص الفارق السعري بين عوائد الديون الكندية والأمريكية لأجل سنتين ليبلغ 94 نقطة أساس بعد أن تجاوز 120 نقطة سابقاً، وهذا التغيير في هيكل العوائد أعاد توزيع الجاذبية الاستثمارية ودفع رؤوس الأموال للبحث عن استقرار أكبر في السوق الكندي الذي بات يقدم هوامش ربحية أكثر توازناً ومخاطر أقل حدة في ظل تقلبات السياسة المالية العالمية، مما عزز من مكانة العملة في محافظ الاستثمار الدولية التي تراقب بدقة تحركات فروق أسعار الفائدة الحقيقية بين الجارين الشمالي والجنوبي.

تحديات البنك المركزي وتوقعات سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي

على الرغم من المكاسب الميدانية التي يبديها سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي؛ فإن السياسة النقدية الداخلية لا تزال تعاني من ضبابية واضحة في الرؤية، حيث تعكس محاضر المناقشات في بنك كندا المركزي انقساماً حول توقيت تعديل أسعار الفائدة نظراً للتباين بين النمو القوي في الربع الثالث والمؤشرات السلبية للربع الحالي، وقد سجلت مبيعات المصانع انكماشاً بنسبة 1.1% متأثرة بضعف سلاسل الإنتاج في قطاعي الأغذية والمواصلات، وهو ما يضع صناع القرار في اختبار صعب للموازنة بين حماية النمو ومكافحة التضخم، ويمكننا إيجاز النقاط المفصلية التي ترسم ملامح الفترة القادمة فيما يلي:

• الاستفادة المستمرة من ارتفاع الطلب العالمي على السلع الأساسية والمواد الأولية.
• تضيق الفوارق في عوائد السندات السيادية الذي خفف من حدة الضغوط السلبية.
• الحذر الملموس لدى المستثمرين بسبب عدم وضوح الرؤية لدى بنك كندا المركزي.
• المراقبة اللصيقة لأداء القطاع الصناعي الذي يعاني من تباطؤ المبيعات الداخلية.

شهدت أسواق الدين الكندية حالة من الهدوء النسبي مع تراجع طفيف في عوائد السندات العشرية لتستقر عند 3.408% قبيل بدء عطلات نهاية العام، حيث يراقب المتداولون في هذه الأثناء مدى استدامة القوة الشرائية وتأثيرها المباشر على سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي، مع توقعات بأن يظل الاقتصاد الكندي محتفظاً بمرونته في ظل تداخل العوامل الخارجية الداعمة مع التحديات الهيكلية المحلية التي تتطلب حلولاً نقدية مبتكرة لضمان استقرار العملة الوطنية على المدى الطويل.