قمم قياسية جديدة.. أسعار الذهب تتجاوز حاجز 4500 دولار في تعاملات اليوم سبتمر

توقعات أسعار الذهب ووصولها لمستويات تاريخية أصبحت الشغل الشاغل للمستثمرين والأسواق العالمية في ظل قفزات سعرية غير مسبوقة يشهدها المعدن الأصفر حالياً؛ حيث تواصل الأسعار تحطيم الأرقام القياسية يوماً بعد يوم مدفوعة بزخم شرائي هائل، ومع اقتراب العقود الآجلة من مستويات كانت تعتبر في السابق بعيدة المنال، يبحث الجميع عن العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي تقود هذا الصعود الصاروخي وكيفية حماية المحافظ الاستثمارية من التقلبات القادمة.

توقعات أسعار الذهب ووصولها لمستويات تاريخية تدعمها البيانات الأخيرة الصادرة عن “ماركت ووتش”، والتي كشفت أن المعدن النفيس سجل ذروة جديدة خلال تعاملات يوم الجمعة الماضية، فبحلول الساعة الواحدة والنصف ظهراً بتوقيت غرينيتش، شهدت عقود الذهب الآجلة تسليم فبراير ارتفاعاً بنسبة واحد بالمئة لتستقر عند مستوى 4,546 دولاراً للأونصة، وذلك بعد أن لامست خلال الجلسة أعلى نقطة تاريخية لها على الإطلاق عند 4,561.60 دولاراً؛ وهو ما يترجم نمواً استثنائياً في قيمته السوقية تجاوزت نسبته 72% منذ مطلع العام الجاري، وهذا النمو السريع يضع “ثيران الذهب” أمام تحدي اختبار عتبة الـ 5000 دولار للأونصة كهدف قادم، مما يثير تساؤلات جدية حول ما إذا كانت هذه الارتفاعات تمثل ذروة مضاربية تسبق حركة تصحيحية عنيفة، أم أنها استكمال لاتجاه صاعد مدعوم بأساسيات اقتصادية متينة لا تقبل الشك في الوقت الراهن.

العوامل الجيوسياسية المؤثرة على توقعات أسعار الذهب ووصولها لمستويات تاريخية

تتحرك توقعات أسعار الذهب ووصولها لمستويات تاريخية في فلك بيئة دولية شديدة التعقيد والتوتر، إذ تلعب الصراعات العسكرية والاضطرابات السياسية دور المحرك الأول لشهية المخاطر؛ فالحروب المشتعلة في أوكرانيا واستمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يفرضان حالة من القلق الدائم في الأسواق المالية، ويزيد من حدة هذا المشهد الحصار الأمريكي المفروض على صادرات النفط الفنزويلية؛ مما يقلص من استقرار تدفقات الطاقة العالمية، ولعل الإعلانات المفاجئة عبر منصات التواصل الاجتماعي زادت من ضبابية المشهد، حيث كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال حسابه على منصة “تروث” عن تنفيذ الولايات المتحدة ضربات عسكرية ضد تنظيم “داعش” في نيجيريا كرد فعل على استهداف المسيحيين؛ وهذه الأحداث المتلاحقة تدفع المستثمرين بشكل غريزي نحو الذهب باعتباره الملاذ الآمن الوحيد القادر على الصمود أمام تقلبات العملات الورقية والمخاطر السيادية التي تلوح في الأفق مع كل تصعيد عسكري جديد.

تعد الحالة الراهنة من عدم الاستقرار الجيوسياسي وقوداً حقيقياً يغذي عمليات الشراء المكثفة، ويمكن تلخيص أبرز الدوافع التي تعزز هذا الاتجاه في النقاط التالية:

• الهروب من تقلبات العملات الوطنية واللجوء إلى الأصول الملموسة ذات القيمة الذاتية.
• التحوط ضد التضخم العالمي الناتج عن اضطراب سلاسل التوريد وتكاليف الطاقة المرتفعة.
• تزايد وتيرة النزاعات المسلحة في مناطق استراتيجية تؤثر على حركة التجارة الدولية.
• التوجه نحو تنويع المحافظ الاستثمارية لتقليل الانكشاف على الديون السيادية والأسهم.

دور البنوك المركزية في دعم توقعات أسعار الذهب ووصولها لمستويات تاريخية

لا يمكن الحديث عن توقعات أسعار الذهب ووصولها لمستويات تاريخية دون الإشارة إلى الدور المحوري الذي تلعبه المصارف المركزية الكبرى حول العالم، إذ تواصل هذه المؤسسات لعدة أشهر ممارسة سياسة شراء مكثفة ومنظمة للسبائك بهدف تنويع احتياطياتها الأجنبية؛ وهي استراتيجية تهدف بشكل أساسي إلى تقليل الاعتماد المفرط على الدولار الأمريكي في موازناتها العامة وتفادي آثار العقوبات المالية أو تقلبات القوة الشرائية للعملة الخضراء، وبالتوازي مع هذه التحركات المالية، تبرز أهمية احتياطيات الذهب غير المستخرجة في باطن الأرض كعنصر رئيسي يكشف عن خريطة الإنتاج المستقبلي للمعدن النفيس، وذلك وفق ما أوردته تقارير “إرم بزنس” التي سلطت الضوء على كيفية تأثير ندرة الاكتشافات الجديدة وتكلفة الاستخراج على العرض العالمي الكلي، مما يجعل أي زيادة في الطلب تؤدي مباشرة إلى قفزات سعرية لعدم قدرة المناجم على مواكبة الاحتياجات المتزايدة بالسرعة المطلوبة.

إن استمرار زخم الشراء المؤسسي والسيادي يمنح المعدن الأصفر قاعدة دعم قوية تمنع هبوطه الحاد في حال حدوث عمليات جني أرباح من قبل صغار المستثمرين؛ فالذهب يظل الخيار المفضل لتأمين الثروات في فترات التحولات الكبرى؛ وتظل توقعات أسعار الذهب ووصولها لمستويات تاريخية رهينة التوازن بين هذه القوى الشرائية الكامنة والضغوط الاقتصادية المتغيرة في المستقبل.