ارتفاع خام برنت.. أسعار النفط العالمية تتأثر بتقلبات التوترات الجيوسياسية الحالية

توقعات أسعار النفط العالمية تحت تأثير التوترات الجيوسياسية باتت الشغل الشاغل للمستثمرين في الأسواق المالية خلال الساعات الأخيرة، حيث شهدت تعاملات يوم الجمعة تحركات طفيفة اتسمت بالصعود المحدود مدفوعة بحالة من الترقب للإجراءات العقابية والضغوط الاقتصادية المكثفة التي تفرضها الولايات المتحدة على قطاع الطاقة في فنزويلا؛ مما أدى إلى حالة من التوازن القلق في ظل تزايد المخاطر الأمنية في نيجيريا وتأثيرها المباشر على معنويات المتداولين ومسارات العرض والطلب.

توقعات أسعار النفط العالمية في ظل التهديدات الأمنية

تأثرت تداولات الطاقة اليوم بمزيج من العوامل الأمنية والسياسية، إذ سجلت العقود الآجلة لخام برنت ارتفاعًا بقيمة 6 سنتات لتستقر عند مستوى 62.30 دولار للبرميل؛ بينما تحرك خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنفس الوتيرة صعودًا ليصل إلى 58.41 دولار للبرميل، وتأتي هذه التحركات نتيجة مباشرة لتكثيف العمليات العسكرية الجوية في شمال غرب نيجيريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية استجابة لطلب الحكومة في أبوجا؛ وعلى الرغم من أن المنشآت النفطية الأساسية تتركز في الجنوب النيجيري إلا أن هذه الاضطرابات تساهم بوضوح في رفع وتيرة القلق المتعلق بأمن الإمدادات العالمية، ويراقب المحللون هذه التطورات بدقة لكون نيجيريا وفنزويلا من الركائز الأساسية في منظومة الإنتاج العالمي؛ حيث أن أي خلل أمني أو سياسي فيهما ينعكس فورًا على توقعات أسعار النفط العالمية ويخلق حالة من عدم اليقين في السوق الذي يعاني أصلاً من تقلبات حادة في نهاية العام الجاري.

ضغوط واشنطن على الصادرات وتأثيرها على الأسواق

تتجه الأنظار صوب البيت الأبيض الذي أصدر توجيهات صريحة للقوات العسكرية الأمريكية بالعمل على تشديد الرقابة والقيود على شحنات النفط القادمة من فنزويلا خلال فترة تمتد لشهرين على الأقل؛ وهو ما يعكس استراتيجية واشنطن في تغليب سلاح الضغط الاقتصادي على الخيارات المباشرة الأخرى للتعامل مع الإدارة في كراكاس، ومن وجهة نظر الخبراء في شركة “جالاكسي فيوتشرز” فإن نشاط التداول يمر بمرحلة من الهدوء النسبي الذي يسبق العواصف السعرية بسبب عطلات أعياد الميلاد؛ لكنهم يؤكدون في الوقت ذاته أن اضطرابات جانب المعروض أصبحت هي المحرك الجوهري والوحيد تقريبًا لتحركات الأسعار في الآونة الأخيرة، ولتوضيح الفروقات الحالية في أسعار الخامات الرئيسية يمكن الاطلاع على الجدول التالي:

تحليل الأداء السنوي ومستقبل توقعات أسعار النفط العالمية

تشير البيانات التاريخية إلى أن السوق يقترب من تسجيل أسوأ أداء سنوي منذ أربعة أعوام؛ حيث يتوقع الخبراء أن ينهي خام برنت العام بتراجع إجمالي يصل إلى 16% في حين قد تبلغ خسائر الخام الأمريكي نحو 18%؛ وهي أكبر وتيرة هبوط منذ أزمة الجائحة في عام 2020 وتعود هذه الخسائر بشكل أساسي إلى تقييمات المستثمرين المتشائمة لآفاق النمو في الولايات المتحدة والمخاوف من فائض المعروض مقارنة بالطلب العالمي الضعيف، ويسعى المتداولون إلى فهم العوامل المؤثرة بعمق من خلال النقاط التالية:

• مدى قدرة الإمدادات الفنزويلية على الصمود أمام العقوبات الأمريكية المشددة.
• تأثير السياسة النقدية الأمريكية على مستويات الاستهلاك في أكبر دولة مستهلكة للوقود.
• توازن القوى بين الدول المنتجة داخل منظمة أوبك وحلفائها في ظل نمو إنتاج الدول من خارجها.
• الجدول الزمني لصدور البيانات الرسمية للمخزونات وتأثرها بمواسم العطلات الرسمية.

تترقب الأوساط الاقتصادية صدور التقرير الرسمي من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الاثنين القادم؛ وهو الموعد الذي تأخر بسبب ظروف العطلات ليوفر الإجابات المطلوبة حول حجم المخزونات الفعلية ومدى قوتها في مواجهة التراجع السنوي الحاد، ويبقى التساؤل قائمًا حول قدرة السوق على امتصاص هذه الصدمات الجيوسياسية الاقتصادية بينما تظل توقعات أسعار النفط العالمية رهينة للتوترات المتصاعدة في مناطق الإنتاج الحساسة والقرارات السيادية من القوى الكبرى التي تحاول إعادة تشكيل خريطة الطاقة بما يخدم مصالحها القومية في المقام الأول.