مستويات تاريخية.. الذهب والفضة يسجلان أرقاماً غير مسبوقة في الأسواق العالمية بنهاية 2025

الاستثمار في سبائك الذهب والفضة يمثل اليوم محور اهتمام الأسواق العالمية بعد القفزات السعرية التاريخية التي شهدتها المعادن النفيسة هذا الجمعة، حيث سجلت أسعار الذهب والفضة مستويات قياسية غير مسبوقة بفضل تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة، وتزايد الرهانات على توجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة مجددًا خلال العام المقبل، مما دفع الأونصة لتجاوز مستويات تاريخية عززت ثقة المستثمرين في هذه الأصول الاستراتيجية للمرحلة المقبلة.

أسباب ارتفاع أسعار سبائك الذهب والفضة في الأسواق

تتعدد العوامل التي أدت إلى بلوغ أسعار المعدن الأصفر مستويات 4,530.60 دولار للأونصة خلال الجلسات الأخيرة، بينما وصلت العقود الآجلة في الولايات المتحدة إلى 4,543.05 دولار، ولعل أبرز هذه الدوافع يكمن في سعي المصارف المركزية الكبرى حول العالم إلى تنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي والأوراق المالية التقليدية؛ إذ أظهرت البيانات توجهًا قويًا لتقليل الاعتماد على النقد الأجنبي مقابل زيادة الحيازات المادية، فضلًا عن تأثير الاضطرابات الجيوسياسية المتصاعدة في مناطق حساسة مثل نيجيريا وفنزويلا، وهو ما جعل التحوط عبر سبائك الذهب والفضة ضرورة ملحة لمواجهة تقلبات العملات ومخاطر استمرار تراجع قيمة الدولار الذي استقر مؤخرًا عند أدنى مستوياته منذ شهرين، مما يفتح الباب أمام استدامة هذا الزخم الصعودي القوي لفترات أطول مما كان متوقعًا في السابق.

طفرة المعادن الثمينة وتفوق الفضة على الذهب

لم يتوقف الأداء الاستثنائي عند حدود المعدن الأصفر بل امتد ليشمل الفضة التي حققت قفزة مذهلة بتجاوزها حاجز 75 دولارًا للأونصة للمرة الأولى، مسجلةً بذلك نموًا سنويًا وصل إلى 158 بالمئة منذ مطلع العام لتتخطى بذلك نسبة مكاسب الذهب بفارق كبير، ويعزو الخبراء هذا التفوق إلى نقص حاد في المخزونات العالمية بالتزامن مع نمو الطلب الصناعي الكثيف، خاصة مع الخطوة الاستراتيجية التي اتخذتها الولايات المتحدة بإدراج الفضة ضمن قائمة المعادن الحرجة، وهو ما رفع من قيمتها كعنصر جوهري في الصناعات التقنية المتقدمة المتطلبة لجودة عالية تتوفر في سبائك الذهب والفضة، وتوضح الأرقام التالية مستويات الأسعار التي وصلت إليها مجموعة المعادن النفيسة في ذروة النشاط الحالي:

نمو الطلب الصناعي على سبائك الذهب والفضة والبلاديوم

تشير التحليلات إلى أن موجة الصعود الحالية لم تكن حكرًا على الأسواق النقدية بل شملت المعادن المرتبطة بالصناعات الثقيلة مثل البلاتين والبلاديوم، فقد شهد البلاتين طفرة سعرية جعلته يستقر عند 2,413.62 دولار للأونصة، في حين صعد البلاديوم إلى 1,757.25 دولار مدفوعًا بعودة الانتعاش إلى قطاع إنتاج السيارات العالمي؛ ويأتي هذا التحسن نتيجة قرارات تنظيمية دولية منحت محركات الاحتراق الداخلي مهلة تشغيلية إضافية، مما رفع الحاجة إلى هذه المعادن في الأنظمة البيئية للمركبات، وهو ما يعكس ترابطًا وثيقًا بين التوجهات الاستثمارية في سبائك الذهب والفضة وبين الحاجة الصناعية المتزايدة التي تضمن استقرار الطلب، وتؤكد التقارير أن هذه العوامل مجتمعة تمنح المعادن الثمينة آفاقًا رحبة للنمو في المديين المتوسط والطويل الأمد.

تتضمن استراتيجيات التحوط الحالية مجموعة من العناصر الأساسية التي يركز عليها كبار المتداولين، ومنها:

• متابعة قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة وتأثيرها المباشر على قيمة المعادن.
• رصد حركة المخزونات العالمية من الفضة بعد إدراجها كأصل استراتيجي حرج.
• تتبع التوترات الجيوسياسية التي تدفع السيولة نحو الأصول الملموسة والآمنة.
• مراقبة معدلات التضخم العالمية ومدى قدرة سبائك الذهب والفضة على حفظ القوة الشرائية.

تظل وضعية سبائك الذهب والفضة في السوق مرتبطة بشكل جذري بالتوازنات الاقتصادية الكبرى، حيث أن التحول عن العملات الورقية نحو الأصول العينية يعزز من مكانة هذه المعادن؛ فالقدرة على الاحتفاظ بالسيولة في شكل أصول ذات قيمة ذاتية تظل الضمانة الوحيدة لمواجهة عدم اليقين المستقبلي في ظل السياسات المالية الحالية المتغيرة.