تراجع الروبل الروسي.. البنك المركزي يخفض سعر صرف العملة أمام الدولار واليورو

سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي بات يستقطب الأنظار في كافة الأوساط المالية الدولية والمحلية على حد سواء نتيجة التحولات الدراماتيكية في العملة الوطنية الروسية؛ حيث تعكس الأرقام المعلنة من البنك المركزي في موسكو صموداً استثنائياً وقوة غير متوقعة أمام حزم العقوبات الغربية المتلاحقة، ما جعل الروبل يحقق مكاسب نوعية غير مسبوقة مكنته من تصدر قائمة العملات العالمية الأفضل أداءً خلال العام الحالي متجاوزاً بذلك كافة سيناريوهات الانهيار التي روجت لها كبرى المؤسسات المالية العالمية منذ اندلاع التوترات الجيوسياسية الراهنة.

مستجدات سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي والعملات الدولية

سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي شهد مؤخراً تحركات طفيفة كشف عنها المركزي الروسي في بيان رسمي يهدف إلى توضيح مسار العملة أمام سلة العملات الصعبة، إذ تم اعتماد السعر الرسمي للدولار عند مستوى 77.8844 روبل وهو ما يمثل تراجعاً بقيمة 55 كوبيك مقارنة بجلسات التداول السابقة مباشرة؛ كما أن هذا التغيير الطفيف لم يتوقف عند العملة الأمريكية فقط بل امتد ليشمل العملة الأوروبية التي بلغت 91.8902 روبل للواحد يورو بتراجع قدره 58 كوبيك، بينما انزلق سعر الروبل أمام اليوان الصيني بمقدار 11 كوبيك ليستقر عند مستوى 11.0773 روبل، مما يبرهن على المنهجية المرنة التي تتبعها السلطات النقدية الروسية في ضبط موازين التبادل التجاري مع دول الشرق والغرب بما يخدم المصالح القومية ضمن بيئة اقتصادية متغيرة باستمرار؛ ولتوضيح هذه النسب السعرية الدقيقة يمكن الاطلاع على الجدول التالي الذي يستعرض آخر الأرقام الرسمية المعتمدة:

تحليل أداء سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي وانعكاساته التنموية

سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي تحول من مجرد رقم في شاشات التداول إلى ظاهرة اقتصادية تستوجب الدراسة العميقة بعد القفزة الهائلة التي سجلتها العملة الروسية والتي فاجأت أكثر الخبراء تشاؤماً، ومع أن هذه القوة النسبية للعملة تمنح الدولة شعوراً بالاستقرار إلا أنها في المقابل تفرض تحديات جسيمة على تنافسية السلع الروسية في الأسواق الدولية؛ فالمبالغة في الارتفاع السعري للروبل قد تضغط على الميزان التجاري والحسابات القومية للدولة لا سيما في ظل محاولات موسكو الحثيثة للحفاظ على عجلة الإنتاج المحلي قائمة رغم المقاطعة الاقتصادية الواسعة التي تشنها الدول الغربية، ويتجلى هذا الأداء المثير للروبل في مجموعة من النقاط الجوهرية التي تلخص المشهد المالي الحالي:

• تحقيق المكاسب النوعية بنسبة فاقت عتبة 45% منذ بدايات العام الجاري وحتى اللحظة.
• الوصول لمستويات تداول تقترب من حاجز 78 روبلاً مقابل الدولار الواحد في السوق الرسمية.
• استعادة مستويات سعرية قوية لم تشهدها الساحة المالية الروسية منذ ما يقارب أربعة أعوام.
• تخطي كافة التوقعات الحكومية السابقة التي كانت تتأرجح عند مستويات 91.2 روبل للدولار.

توقعات سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي واستدامة الموازنة

سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي يضع صناع القرار في روسيا أمام مفارقة صعبة تتعلق بإدارة الفوائض وحماية الميزانية العامة من تآكل الإيرادات، حيث أن استمرار العملة عند هذه المستويات القوية يقلل من القيمة الفعلية للأرباح التي يجنيها المصدرون الروس عند تحويل مبيعاتهم من العملات الأجنبية كاليوان أو اليورو إلى العملة المحلية؛ وهذا التعارض بين قوة الروبل وبين الحاجة لزيادة الحصيلة المالية للدولة يتزامن مع تذبذبات حادة في أسواق الطاقة العالمية وتشديد القيود على الصادرات النفطية الروسية، مما يزيد من الضغوط على البنك المركزي الروسي الموكل إليه مهمة إيجاد توازن دقيق يحافظ على استقرار سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي مع تأمين تدفقات نقدية كافية لتغطية الإنفاق الحكومي المتزايد في ظل ظروف الحرب والتحولات الجيوسياسية الكبرى التي تعيد تشكيل خارطة الاقتصاد العالمي.

نجاح أدوات التحكم الرأسمالي التي فرضتها السلطات في موسكو أثبت فاعلية كبيرة في إبقاء سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي قريباً من مستويات ما قبل الأزمة الاقتصادية؛ إلا أن المرحلة المقبلة تتطلب مرونة فائقة للتعامل مع تراجع أسعار الطاقة والقيود النوعية المفروضة على حركة التجارة الدولية لحماية المكتسبات المالية للدولة.