قبل اجتماع الخميس.. ماذا يقرر البنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة؟

خفض أسعار الفائدة في مصر بنسبة 1% يعد الخطوة الأبرز التي اتخذها البنك المركزي خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المنعقد في 25 ديسمبر 2025؛ حيث استهدف القرار تدشين مرحلة جديدة من الإدارة النقدية تعتمد على المرونة الفائقة ومواكبة تراجع معدلات التضخم، وضمان استمرار المسار الهبوطي للأسعار مع تقديم الدعم اللازم للنمو الاقتصادي المحلي، وذلك في ظل قراءة دقيقة للمتغيرات الدولية والمحلية التي فرضت نفسها على طاولة الاجتماع التاريخي.

أبعاد قرار خفض أسعار الفائدة في مصر وتداعياته النقدية

تضمن القرار الرسمي خفض كافة أسعار العائد الأساسية بواقع 100 نقطة أساس بهدف ضبط الأوضاع النقدية بما يتوافق مع الرؤية الجديدة للبنك المركزي؛ إذ تمثل هذه الخطوة استجابة عملية لنجاح السياسات السابقة في السيطرة على موجات الغلاء، ويعكس الجدول التالي التغييرات الجديدة التي طرأت على مستويات الفائدة بعد هذا الاجتماع الفاصل:

نوع سعر الفائدة النسبة الجديدة بعد الخفض
سعر عائد الإيداع لليلة واحدة 20.00%
سعر عائد الإقراض لليلة واحدة 21.00%
سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 20.50%
سعر الائتمان والخصم 20.50%

جاءت هذه الأرقام لتعزز من ثقة المستثمرين في قدرة القطاع المصرفي على الموازنة بين تحفيز النشاط الإنتاجي ومحاربة الضغوط التضخمية؛ فقرار خفض أسعار الفائدة في مصر لم يكن وليد الصدفة بل استند إلى تقييم شامل لمسار الأسعار منذ الجلسة السابقة للجنة، مع التأكيد على أن الوضع الحالي للسوق يسمح بهذه الحركة التيسيرية المحسوبة دون المساس بمكتسبات الاستقرار النقدي التي تحققت بشق الأنفس خلال العام الحالي.

تحليل العوامل الدافعة لاتخاذ قرار خفض أسعار الفائدة في مصر

يرتبط خفض أسعار الفائدة في مصر بشكل وثيق بديناميكيات النمو المحلي التي سجلت مستويات مطمئنة؛ حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نحو 5.0% في الربع الأخير من عام 2025، وبالرغم من أنه أقل طفيفًا من الربع السابق الذي حقق 5.3%، إلا أن هذا النمو اتسم بالجودة كونه مدفوعًا بقطاعات حيوية تشمل التجارة والاتصالات والصناعات التحويلية غير البترولية، وهو ما تزامن مع هدوء الضغوط الطلبية التي مهدت الطريق أمام تراجع التضخم.

في المقابل، لم تغب المتغيرات العالمية عن المشهد، حيث رصد البنك المركزي مجموعة من التحديات التي أثرت في اتخاذ القرار ومنها:

  • تباطؤ وتيرة نمو الطلب العالمي واستمرار حالة عدم اليقين في السياسات التجارية الدولية.
  • تراجع أسعار النفط العالمية نتيجة تفوق المعروض على مستويات الطلب الحالية.
  • الاضطرابات الجيوسياسية المستمرة التي تؤثر على سلاسل الإمداد وتزيد من تكاليف الشحن.
  • تباين أسعار السلع الزراعية الأساسية في الأسواق العالمية وما يتبعه من ضغوط على الاقتصادات الناشئة.

إن التكامل بين هذه العوامل الخارجية والبيانات المحلية أكد أن خفض أسعار الفائدة في مصر هو الخيار الأمثل للمرحلة الراهنة؛ حيث يسعى صانع القرار النقدي إلى حماية الاقتصاد من الركود مع ضمان عدم عودة التضخم إلى مستويات قياسية مرة أخرى، خاصة وأن المؤشرات العالمية تشير إلى تعافٍ محدود يتطلب يقظة مستمرة من البنك المركزي للتعامل مع أي صدمات عرض محتملة قد تطرأ على الساحة الدولية.

مستقبل التضخم عقب قرار خفض أسعار الفائدة في مصر

تثبت البيانات أن خفض أسعار الفائدة في مصر ترافق مع هبوط ملموس في معدل التضخم السنوي العام ليصل إلى 12.3% في نوفمبر 2025؛ ويعود هذا الفضل بالدرجة الأولى إلى التراجع الكبير في أسعار السلع الغذائية التي سجلت أدنى مستوى تضخم لها منذ أربع سنوات بنسبة 0.7%، ورغم أن التضخم الأساسي ظل عند 12.5% بسبب أسعار الخدمات والسلع غير الغذائية، إلا أن المسار العام يظل مطمئنًا للغاية وفقًا للتقديرات الرسمية.

يشير الخبراء إلى أن خفض أسعار الفائدة في مصر ينسجم مع توقعات متوسط تضخم يبلغ 14% خلال عام 2025، وهو تراجع ضخم مقارنة بنسبة الـ 28.3% المسجلة في العام الماضي؛ ويتطلع البنك المركزي عبر أدواته النقدية إلى الوصول بالتضخم لمستهدفه البالغ 7% (± 2%) بحلول الربع الرابع من عام 2026، مع مراعاة المخاطر المتعلقة بإجراءات ضبط المالية العامة واستمرار مراقبة التطورات المالية بدقة تامة لضمان استقرار طويل الأمد للأسعار في السوق المحلي.

يعد خفض أسعار الفائدة في مصر بمثابة رسالة طمأنة للأسواق حول قوة الاقتصاد وقدرته على تجاوز الأزمات؛ فالإبقاء على المرونة الكافية يسمح للجنة السياسة النقدية بالتحرك السريع في حال حدوث أي مستجدات، مما يجعل المرحلة المقبلة مرهونة تمامًا بجودة البيانات الاقتصادية الواردة، ومدى قدرة القطاعات المختلفة على استغلال هذا الخفض في زيادة الانتاجية ودعم استقرار الأسعار بشكل دائم.