تحفيز مبيعات المستعمل.. مقترح ألماني بدعم حكومي جديد لمشتري السيارات الكهربائية

دعم السيارات الكهربائية المستعملة في ألمانيا بات ضرورة ملحة لتعزيز الانتقال نحو الطاقة النظيفة، حيث دعا أولاف ليز، رئيس حكومة ولاية سكسونيا السفلى، إلى ضرورة توسيع نطاق الحوافز الحكومية لتشمل المركبات الكهروميكانيكية التي سبق استخدامها؛ إذ يرى المسؤول الألماني أن هذا التوجه يمثل الخطوة الأكثر واقعية لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان وصول التقنيات الحديثة إلى الطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل، معتبراً أن الاقتصار على دعم الموديلات الجديدة قد لا يكفي لتحفيز السوق بالشكل المطلوب في الوقت الراهن.

أهمية توسيع نطاق دعم السيارات الكهربائية المستعملة في ألمانيا

إن الدعوة التي أطلقها أولاف ليز تهدف بشكل أساسي إلى تحويل مسار الحوافز المالية نحو السيارات الكهربائية المستعملة الحديثة، وبخاصة تلك التي كانت تعمل ضمن أنظمة الإيجار ولم يتجاوز عمرها ثلاث سنوات؛ حيث أكد ليز في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أن التركيز على السيارات الجديدة وحدها، دون وضع ضوابط صارمة تتعلق بنسبة المكون الأوروبي، قد يصب في مصلحة الشركات الصينية ويمنحها تفوقاً غير عادل في السوق القارية؛ وهو الأمر الذي استخلصته ألمانيا من التجربة الفرنسية السابقة، ولذلك فإن دعم السيارات الكهربائية المستعملة يضمن بقاء القيمة المضافة داخل أوروبا، نظراً لأن معظم هذه الفئة المتداولة محلياً هي من إنتاج مصانع أوروبية عريقة.

تعمل هذه الإستراتيجية على تحقيق فوائد اقتصادية مزدوجة تشمل البائع والمشتري معاً، فمن خلال رفع الطلب على هذه المركبات تزداد قيمتها المتبقية في السوق، وهذا الارتفاع يؤدي تلقائياً إلى خفض تكلفة عقود الإيجار للسيارات الجديدة مما ينعش الدورة الاقتصادية لقطاع النقل بالكامل، ولتحقيق أقصى استفادة من هذا المقترح، يمكن تلخيص الفئات المستهدفة والشروط التي يراها المسؤولون الألمان كالتالي:

  • السيارات الكهربائية المستعملة التي لا يتجاوز عمرها عامين إلى ثلاثة أعوام بحد أقصى.
  • المركبات التي قطعت مسافات محدودة وتتمتع بحالة فنية ممتازة تضمن استمرارية كفاءتها.
  • العائلات ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تجد صعوبة في تحمل تكاليف شراء المركبات الجديدة.
  • شركات التأجير التي تمتلك أساطيل ضخمة من الموديلات الحديثة وترغب في تدويرها.

مستقبل التنقل الكهربائي وبرامج الدعم الحكومي للأسر

الحكومة الألمانية لم تكن بعيدة عن هذا التوجه، فقد تم الاتفاق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على إطلاق برنامج دعم مخصص لمساعدة الأسر في امتلاك سيارات كهربائية هجينة أو تعمل بالبطاريات الكاملة، ووفقاً لخطط وزارة البيئة الألمانية، فإن هذا البرنامج يسير عبر مراحل زمنية محددة تهدف إلى شمول كافة جوانب السوق، ولتوضيح الرؤية الحالية والمستقبلية لآليات الدعم، نستعرض الجدول التالي الذي يوضح تسلسل الخطوات المقترحة:

المرحلة الزمنية الفئة المستهدفة بالدعم الحالة الراهنة
المرحلة الأولى السيارات الكهربائية الجديدة كلياً قيد التنفيذ والتركيز الأساسي
المرحلة الثانية دعم السيارات الكهربائية المستعملة قيد الدراسة وتقديم المقترحات
آفاق عام 2035 تحول السوق بالكامل للكهرباء بنسبة 80% رؤية إستراتيجية طويلة المدى

إن التكامل بين هذه المراحل يضمن نمواً مستداماً لسوق النقل الأخضر، خاصة وأن تشجيع دعم السيارات الكهربائية المستعملة سيعالج الفجوة السعرية التي تعاني منها الموديلات الحديثة؛ مما يجعل التحول الطاقي ممارسة يومية متاحة للجميع وليس مجرد رفاهية تقتصر على فئات بعينها، كما أن هذا التحرك يتوافق مع الرغبة في تعزيز السيادة الصناعية لأوروبا في مواجهة التحديات الجيوسياسية المتزايدة التي فرضتها التوترات التجارية العالمية مع القوى العظمى مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

تعديلات المسار الأوروبي وحظر محركات الاحتراق بعد 2035

في خضم النقاشات الساخنة حول مستقبل صناعة السيارات، يبرز التساؤل حول مصير محركات الاحتراق التقليدية في ظل هذه التحولات، حيث يشدد أولاف ليز على ضرورة الحفاظ على التنوع التكنولوجي جنباً إلى جنب مع تعزيز دعم السيارات الكهربائية المستعملة والجديدة؛ فالظروف العالمية قد تغيرت جذرياً عما كانت عليه عند وضع الخطط الأولية، وذلك نتيجة لتداعيات الصراع في أوكرانيا والتغيرات في السياسات الجمركية الأمريكية، وهو ما يفرض مرونة أكبر في التعامل مع الجداول الزمنية للحظر، ومع ذلك يرفض ليز بشدة الادعاءات التي تروج لنهاية عصر التنقل الكهربائي، مؤكداً أن المستقبل محتوم لهذه التقنية التي ستستحوذ على نصيب الأسد من المبيعات خلال العقد القادم.

المفوضية الأوروبية استجابت لهذه المعطيات عبر تعديل خططها للسماح بتسجيل سيارات جديدة تعمل بمحركات الاحتراق بعد عام 2035 وفق اشتراطات معينة، وهذا التوجه يتناغم مع رؤية ولاية سكسونيا السفلى في تقديم دعم السيارات الكهربائية المستعملة كبديل عملي ومنطقي؛ حيث أن الهدف النهائي يظل تقليل الانبعاثات مع مراعاة القدرات الاقتصادية للمواطنين، فالمسار نحو الاستدامة يتطلب توازناً دقيقاً بين الطموحات البيئية والواقع الاقتصادي والجيوسياسي المتقلب، وضمان استمرار برامج دعم السيارات الكهربائية المستعملة سيشكل الركيزة الأساسية لهذا التوازن في ألمانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي.