خيار إجباري.. العراق يعتمد الدفع الإلكتروني رسميا لمعالجة أزمة سعر صرف الدولار

أثر التحول إلى التعاملات الإلكترونية في العراق وتراجع المضاربة على الدولار يمثل نقطة تحول جوهرية في استقرار المشهد المالي المحلي، حيث أوضح المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن التوسع الملحوظ في استخدام الأدوات التقنية والبطاقات المصرفية ساعد بشكل مباشر في تقليص فجوة المضاربات المالية التي كانت ترهق السوق الموازية، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى خفض الطلب غير الحقيقي وتوفير بيئة اقتصادية أكثر استقراراً وشفافية لجميع المتعاملين.

انعكاس التعاملات الإلكترونية في العراق على استقرار صرف العملة

يرى مظهر محمد صالح أن الاعتماد المتزايد من قبل المواطنين والمؤسسات على التعاملات الإلكترونية في العراق أسهم بقوة في تضييق الخناق على المضاربين الذين كانوا يستغلون الثغرات في النظام النقدي التقليدي، مبيناً أن التحول الرقمي لم يقتصر فقط على الجوانب المحلية بل شمل ربط عمليات التمويل التجاري والتحويلات الخارجية بالبيانات الرقمية الدقيقة، مما سمح بالتحقق المسبق من كافة المستندات والبيانات الجمركية قبل تنفيذ أي عملية مالية؛ وهذا التكامل التقني قلل من حجم العملة الصعبة المتداولة خارج القنوات الرسمية خاصة مع لجوء المسافرين والمستوردين إلى استخدام البطاقات الرقمية كبديل آمن وفعال عن النقد الفيزيائي التقليدي، وهو ما وثقته وكالة الأنباء العراقية “واع” في تقريرها الأخير حول تطورات المشهد المالي والنجاح في كبح جماح الطلب الوهمي على الدولار الذي كان يرفع الأسعار بشكل غير مبرر في الأسواق غير الرسمية.

المسار الرقمي الأهداف الاستراتيجية
أتمتة الضرائب والجمارك تعظيم الإيرادات غير النفطية ومكافحة الفساد
رقمنة العقود الحكومية تعزيز الشفافية وتوزيع الدعم لمستحقيه
دعم الشركات الناشئة تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي والزراعة الذكية

دور الحوكمة الاقتصادية وتطوير التعاملات الإلكترونية في العراق

تستند الرؤية الحكومية الحالية إلى ثلاث مسارات تكاملية تهدف إلى تعزيز نفوذ التعاملات الإلكترونية في العراق كأداة للإصلاح المالي الشامل، ومن أبرز هذه المسارات هو التحول الرقمي للمالية العامة الذي يتضمن أتمتة الأنظمة الضريبية والجمركية لضمان تدفق الإيرادات بدقة وشفافية بعيداً عن التدخلات البشرية، إضافة إلى رقمنة منظومة العقود والمناقصات الحكومية لضمان العدالة وتوفير بصمة رقمية لكل معاملة مالية تضمن تتبع الأموال ومنع الهدر؛ وسوف يسهم هذا النظام في ضمان وصول الدعم الحكومي إلى الفئات الأشد احتياجاً من خلال قواعد بيانات دقيقة، وتحويل المؤسسات الرسمية إلى بيئة عمل تعتمد على “التكنولوجيا البيضاء” التي تحارب البيروقراطية وتسهل الإجراءات للمواطنين والمستثمرين على حد سواء، مما يعزز الثقة في النظام المصرفي والمالي الوطني ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية التي تبحث عن بيئة عمل قانونية ورقمية واضحة المعالم.

  • تحويل ريادة الأعمال إلى النظام الرقمي ودعم التجارة الإلكترونية وتطبيقات التوصيل الحديثة.
  • توسيع نطاق التعليم عن بُعد وبناء منصات تدريب مهني تضمن الوصول العادل للسوق.
  • الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية والزراعة الذكية عبر تمويلات تقنية مخصصة.
  • إنشاء مراكز بيانات وطنية موحدة لدعم اتخاذ القرار وتطوير البنية التحتية للإنترنت.

مستقبل اقتصاد البيانات ونمو التعاملات الإلكترونية في العراق

يمتد طموح الدولة إلى ما هو أبعد من مجرد تبادل مالي رقمي، حيث يسعى العراق للدخول في عصر اقتصاد المعرفة عبر تكثيف التعاملات الإلكترونية في العراق واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التخطيط الاستراتيجي، وهذا التوجه يتطلب بناء بنية تحتية متطورة للاتصالات تضمن وصول الإنترنت لجميع المناطق وفق معايير العدالة الرقمية العالمية التي تمنح الجميع فرصاً متساوية في التنمية والتعلم؛ وبالإضافة إلى ذلك فإن الدولة تركز حالياً على دعم تكنولوجيا المشاريع الصغيرة والابتكار الرقمي الذي يمثل ركيزة هامة في تنويع مصادر الدخل القومي، فمن خلال توفير منصات لتمويل الشركات الناشئة في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة المعتمدة على البيانات، يتم خلق فرص عمل جديدة للشباب العراقي في مجالات تقنية حديثة، مما يقلل الاعتماد الكلي على التوظيف الحكومي ويحرك عجلة الإنتاج في القطاع الخاص، وهو المسار الذي سيجعل من العراق رقماً صعباً في سوق التكنولوجيا الإقليمي ضمن السنوات القليلة القادمة بفضل التكامل بين السياسات النقدية والتحولات الرقمية المستمرة.

إن اعتماد التعاملات الإلكترونية في العراق بشكل واسع أصبح ضرورة حتمية لضمان الاستدامة المالية وتجاوز التحديات التي يفرضها السوق الموازي، فالتكامل بين التقنية والحوكمة هو الطريق الوحيد لضمان نمو اقتصادي شفاف يخدم مصلحة المواطن العراقي ويدعم استقرار العملة الوطنية أمام التقلبات العالمية المختلفة.