نمو الطلب الأمريكي.. أسعار النفط تتماسك مع استمرار اضطرابات الإمدادات العالمية

توقعات أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي واضطرابات الإمدادات العالمية تعد المحرك الرئيس لأسواق الطاقة خلال تعاملات اليوم الأربعاء، حيث خيم الهدوء النسبي على تحركات العقود الآجلة بعد رحلة صعود استمرت لخمس جلسات متتالية، مدعومة بمتانة الاقتصاد في الولايات المتحدة والمخاوف المتزايدة من تعثر تدفقات الخام المنطلقة من روسيا وفنزويلا، مما عزز مستويات التماسك السعري الحالية.

عوامل استقرار أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي

شهدت تداولات سوق الطاقة حالة من الاستقرار الملحوظ؛ إذ لم يتغير خام برنت سوى سنت واحد نزولًا ليستقر عند 62.37 دولاراً للبرميل، وفي المقابل ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بسنت واحد ليبلغ 58.39 دولاراً، وتأتي هذه التحركات الطفيفة بعد أن سجل الخامان مكاسب قوية بلغت نسبتها 6% منذ منتصف ديسمبر الجاري، وهي الفترة التي شهدت تعافيًا من مستويات دنيا لم تُسجل منذ نحو خمس سنوات؛ حيث يعزو الخبراء هذا الصمود إلى ثقة المستثمرين في الطلب المستقبلي بفضل النشاط المتزايد في أكبر اقتصاد عالمي.

ورسم توني سيكامور، كبير المحللين لدى “آي جي”، صورة واضحة للمشهد الراهن موضحًا أن الزخم الأسبوعي الأخير لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتاج عمليات تسوية مراكز ذكية في أسواق اتسمت بضعف السيولة، بالتزامن مع فشل المحاولات السابقة لكسر الأسعار نحو الأسفل؛ إذ يؤكد سيكامور أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وخاصة الحصار البحري المفروض على فنزويلا، لعبت دورًا جوهريًا في دعم أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي الذي ظهرت بصماته في بيانات الربع الثالث، حيث حقق الاقتصاد الأمريكي أسرع وتيرة نمو منذ عامين بفضل قوة الصادرات والإنفاق الاستهلاكي الواسع.

تأثير بيانات المخزونات والطلب على أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي

رغم معطيات التفاؤل الاقتصادي، ظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي لتكشف عن زيادة غير متوقعة في مستويات التخزين، وهو أمر حاول المتداولون التغاضي عنه مؤقتًا للتركيز على العوامل الجيوسياسية، ولكن المحللين يحذرون من أن اقتراب الأسعار من حاجز 60 دولاراً قد يحفز البائعين على استعادة السيطرة، خاصة إذا استمر تراكم الفائض في المستودعات الأمريكية، وهو ما يضع أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي أمام اختبار حقيقي خلال الأيام القليلة القادمة قبل صدور الأرقام الرسمية من إدارة معلومات الطاقة.

وتضمنت تفاصيل تقرير معهد البترول النقاط التالية:

• ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية بنحو 2.39 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.
• زيادة في مخزونات البنزين قدرت بنحو 1.09 مليون برميل.
• نمو مخزونات نواتج التقطير بمقدار 685 ألف برميل.
• تأجيل صدور البيانات الرسمية من إدارة معلومات الطاقة إلى يوم الإثنين المقبل بسبب عطلة الأعياد.

ويراقب الفاعلون في السوق هذه الأرقام بدقة متناهية، كونها تعكس الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك الفعلي، وفي حين يرى البعض أن هذه الزيادات موسمية، يخشى آخرون من أن يؤدي استمرار تراكم المخزون إلى الضغط على المكاسب التي تحققت بفضل أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي القوي، الذي قد لا يكون كافيًا وحده لمواجهة شبح زيادة المعروض العالمي إذا ما تراجعت حدة التوترات السياسية في مناطق النزاع المعروفة بصادراتها النفطية الضخمة.

اضطرابات التوريد وتداعياتها على أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي

تمثل الأزمات اللوجستية والسياسية في فنزويلا وروسيا العمود الفقري لمخاوف نقص الإمدادات الحالية، حيث أشارت تقارير “هايتونج فيوتشرز” إلى أن تعطل الشحنات الفنزويلية كان المحرك الأبرز للأسعار مؤخرًا، فضلًا عن الضربات المتبادلة بين موسكو وكييف التي استهدفت منشآت حيوية للطاقة؛ إذ تسبب احتجاز الولايات المتحدة لناقلة عملاقة وفرض عقوبات جديدة على سفن إضافية في بقاء أكثر من 12 ناقلة عالقة قبالة سواحل فنزويلا بانتظار أوامر جديدة، مما قلص كميات النفط المتاحة في السوق الفوري العالمي بشكل مفاجئ.

ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حصار شامل على السفن التي تتعامل مع موانئ فنزويلا، في مسعى لتضييق الخناق على حكومة نيكولاس مادورو، وهو ما خلق حالة من عدم اليقين في طرق التجارة البحرية، ورغم هذه الأجواء الداعمة للقيم السوقية، يظل الحذر سيد الموقف؛ إذ تشير التقديرات إلى أن أسعار النفط الخام وتأثير النمو الأمريكي لا تزال تواجه مخاطر تسجيل خسارة فصلية؛ نظرًا للتوقعات التي تشير إلى وجود فائض هيكلي في الأسواق خلال العام المقبل، مما يجعل التماسك الحالي رهناً باستمرار التوترات وتدفق البيانات الإيجابية من واشنطن.