مستويات تاريخية للدولار.. أسباب صمود الر الأخضر أمام الجنيه رغم تراجع أدائه عالميًا

سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري يشغل بال الملايين في الوقت الذي يسجل فيه الأخضر أسوأ أداء سنوي له عالميًا منذ أكثر من عقدين، ومع ذلك يظل التساؤل قائمًا حول السر وراء احتفاظ العملة الأمريكية بقوتها في السوق المحلية وعدم تراجعها بنفس القوة التي تشهدها أمام العملات الرئيسية الأخرى، وهو ما يتطلب فهمًا عميقًا للمعادلة التي تحكم علاقة العملتين بعيدًا عن المؤثرات الخارجية التقليدية التي قد لا تنعكس مباشرة على الوضع الاقتصادي المصري نتيجة تداخل عدة عوامل هيكلية ومالية معقدة.

أسباب تباين سعر صرف الدولار أمام الجنيه محليًا وعالميًا

يرى الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح أن الانخفاض العالمي للعملة الأمريكية لا يعني بالضرورة هبوطًا مماثلاً في قيمتها داخل مصر، حيث يوضح أن سعر صرف الدولار أمام الجنيه يخضع لعوامل داخلية بحتة ومؤثرات محلية تختلف جذريًا عن المحركات التي تحكم الأسواق الدولية؛ فبينما تتأثر العملة عالميًا بتوقعات خفض الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي وتغير شهية المستثمرين نحو الأصول مرتفعة المخاطر، تظل السوق المصرية محكومة في المقام الأول بآليات العرض والطلب المباشر وتوافر السيولة الأجنبية اللازمة لتطبيقه عمليًا، فضلًا عن أن تزايد الضغوط التضخمية وتراكم الالتزامات الدولارية الخارجية يفرضان واقعًا يجعل العملة الخضراء تقاوم الهبوط الملحوظ الذي يسود البورصات العالمية.

تتعدد الموارد التي تساهم في دعم استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه وتوفير التدفقات النقدية اللازمة، حيث لخص الخبير هاني أبو الفتوح شروط تحقيق تراجع ملموس في السعر من خلال تعزيز المصادر التالية:

  • تنمية عوائد قطاع السياحة لضمان تدفق مستدام للنقد الأجنبي.
  • زيادة وتيرة الصادرات المصرية لتقليل العجز التجاري.
  • جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مختلف القطاعات الإنتاجية.
  • تحفيز تحويلات المصريين بالخارج التي تمثل ركيزة أساسية للدخل القومي.

توقعات سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السنوات المقبلة

يلعب البنك المركزي المصري دورًا محوريًا في إدارة المشهد عبر سياسة نقدية تتسم بالحذر والحيطة، تهدف في المقام الأول إلى حماية الاحتياطي النقدي من التآكل ومنع حدوث اهتزازات عنيفة أو تقلبات فجائية في سعر صرف الدولار أمام الجنيه لضمان استقرار الأسواق؛ وقد كشفت البيانات الرسمية الصادرة عن المركزي عن قفزة نوعية في تحويلات المصريين العاملين في الخارج، حيث ارتفعت خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر لعام 2025 لتسجل نحو 33.9 مليار دولار مقارنة بنحو 23.7 مليار دولار عن نفس الفترة من العام السابق، وهو ما يعكس نموًا قويًا بنسبة 42.8% يساهم في سد جزء كبير من الفجوة التمويلية التي تعاني منها الميزانية العامة وتلبية الاحتياجات المتزايدة للمستوردين والشركات.

المؤسسة المالية السعر المتوقع للدولار (2026)
صندوق النقد الدولي 54 جنيهًا مصريًا
بنك ستاندرد تشارترد 54 جنيهًا مصريًا
سيتي جروب جلوبال ماركتس 51.5 جنيهًا مصريًا
مؤسسة فوكس إيكونوميكس 58 جنيهًا مصريًا
مؤسسة EMFI 68.5 جنيهًا مصريًا

تحليلات المؤسسات الدولية حول سعر صرف الدولار أمام الجنيه

تتباين رؤى المؤسسات المالية العالمية حول مستقبل العملة وسط تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي وأداء ميزان المدفوعات، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ متوسط سعر صرف الدولار أمام الجنيه نحو 54 جنيهًا خلال عام 2026، وهي نفس الرؤية التي يتبناها بنك ستاندرد تشارترد الذي يربط هذا المستوى باستمرار الاحتياجات التمويلية الضخمة لمصر وتأثر التدفقات بالمتغيرات الجيوسياسية والعالمية؛ وفي المقابل نجد تفاوتًا بين مؤسسات أخرى مثل سيتي جروب التي تتوقع مستويات أقل حول 51.5 جنيهًا، ومؤسسة فوكس إيكونوميكس التي ترفع سقف التوقعات إلى 58 جنيهًا، وصولًا إلى تقديرات أكثر تشاؤمًا من مؤسسة EMFI التي ترى إمكانية بلوغ السعر نحو 68.5 جنيهًا تحت ضغط الالتزامات المالية والظروف الاقتصادية الراهنة.

تتزامن هذه التطورات مع قرارات حكومية تهدف للتخفيف عن كاهل المواطنين، مثل إعلان وزارة المالية تبكير صرف مرتبات شهور يناير وفبراير ومارس بمناسبة الأعياد، في ظل وصول التمويلات الخاضعة للرقابة المالية إلى حاجز تريليون جنيه لأول مرة؛ ومع ظهور عام 2025 كفترة تتغير فيها خريطة المعادن النفيسة بتفوق الفضة على الذهب، يبقى مصير العملة معلقًا بمدى قدرة الاقتصاد المصري على مواصلة الإصلاح الهيكلي وزيادة الإنتاجية لتعزيز قوة العملة المحلية وتضييق الفجوة السعرية، بما يسهم في النهاية في تحسين استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه بشكل دائم ومستدام.