الدولار في اليمن: أزمة سعر الصرف والانقسام النقدي بين مدن اليمن
فجوة سعر الدولار في اليمن وتأثيرها على الاقتصاد المحلي
شهدت أسعار صرف الدولار في اليمن تطورًا صادمًا، حيث سجلت فجوة حادة بين أسعار الدولار في المدن اليمنية، وصلت إلى 1100 نقطة، إذ وصل سعر الدولار إلى 1632 ريالاً في عدن مقابل 522 ريالاً فقط في صنعاء؛ أي بفارق يصل إلى 312% في بلد واحد. هذا الانقسام النقدي الحاد يُحوّل اليمن عمليًا إلى دولتين اقتصاديتين منفصلتين، وهو أمر لم تسجله أي دولة حديثًا. تعاني الأسر اليمنية من هذه الأزمة بوجوه مختلفة، فمثلاً أم سالم، ربة بيت في عدن، توضح مأساة أسعار الصرف، حيث أن 100 دولار تساوي في عدن 163 ألف ريال، لكن في صنعاء تصبح 52 ألف ريال فقط. هذا المشهد ينعكس بوضوح في محلات الصرافة التي تشهد تكدسًا وطوابير طويلة من اليمنيين يحملون أموالهم المعدنية وملازمين وجوههم تعبيرات اليأس، أما عبدالله الصرافي، صاحب خبرة ثلاثين عامًا في العمل بالمجال، يعترف بأنه لم يشهد في حياته هذا الاضطراب الجنوني في أسعار الصرف، مشيرًا إلى أن الناس باتوا غير قادرين على حساب أموالهم بدقة.
أسباب الانقسام النقدي في اليمن وأثره على الحياة اليومية
يرجع الانقسام النقدي الحاد في اليمن إلى انقسام البنك المركزي اليمني عام 2016، الذي جاء كنتيجة مباشرة للحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2014، وأسفرت عن اتباع سياستين نقديتين متعارضتين داخل نفس البلد. بالإضافة إلى ذلك، ترافقت الأزمة مع توقف إنتاج النفط وانقطاع المساعدات الدولية، فضلاً عن التدخلات الخارجية المتضاربة، což أدى إلى تعميق الأزمة بشكل ملحوظ. يوضح الخبير الاقتصادي د. أحمد الحميدي أن ما يحدث اليوم يتجاوز انهيار العملة التركية عام 2018 والأزمة المالية الآسيوية عام 1997، حيث يصارع الاقتصاد اليمني الموحد الانهيار التام. الاضطراب الاقتصادي ينعكس على تفاصيل الحياة اليومية، إذ تضطر الأسر لتغيير أماكن سكنها بحثًا عن مناطق بها عملة “أرخص” مما يؤدي إلى توقف تدريجي للتجارة الداخلية بين المدن اليمنية. هنا يأتي دور محمد العدني، تاجر استثمر فروقات الأسعار في نقل البضائع بين المناطق المختلفة، مساعدًا العائلات المتضررة، رغم اعترافه بأن ذلك يُعد حلًا مؤقتًا لمشكلة أعمق تحتاج لتدخل دولي عاجل.
- انقسام البنك المركزي وتأثيره على السياسات النقدية؛
- توقف إنتاج النفط وانقطاع المساعدات الخارجية؛
- تغير أماكن السكن بحثًا عن مناطق عملة أقل تكلفة؛
- تعطل التجارة بين المدن وتنامي اقتصاد الظل؛
- تهديد موجات هجرة جماعية تشمل ملايين اليمنيين.
تداعيات استمرار أزمة الدولار في اليمن وتطلعات المستقبل
تقف اليوم نحو 30 مليون يمني على حافة كارثة اقتصادية غير مسبوقة في المنطقة، مع ترقب تدخلات دولية قد تكون متأخرة للغاية. يطرح هذا الواقع سؤالاً خطيرًا يتعلق بإمكانية أن يشهد التاريخ ولادة أول دولة حديثة تعيش رسميًا بنظام عملتين مختلفتين في نفس الوقت. أزمات سعر الصرف الحادة والانقسام النقدي بين المدن يعرضان مستقبل اليمن الاقتصادي والاجتماعي إلى رهان مصيري، تترقبه كل الأوساط المحلية والدولية. يجدر التنويه إلى أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى تفكك الوحدة الاقتصادية لليمن، بروز “اقتصاد الظل” وانتشار ظواهر مرتبطة بالهجرة الجماعية، ما يعمق من مأساة ملايين اليمنيين الذين يبحثون عن حياة كريمة وسط ظروف صعبة.
| المدينة | سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني |
|---|---|
| عدن | 1632 ريال |
| صنعاء | 522 ريال |
