انهيار الدولار في صنعاء مقابل ارتفاعه المذهل في عدن بفارق 200%

انقسام سعر الدولار في اليمن بين صنعاء وعدن يخلق أزمة نقدية حادة تهدد استقرار الاقتصاد الوطني ويؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، حيث فروقات تصل إلى 1078 ريال يمني بين المدينتين؛ إذ يُباع الدولار في عدن بسعر 1631 ريال، بينما ينخفض إلى 537 ريال فقط في صنعاء، وهذا التفاوت يصنف على أنه أكبر كارثة نقدية في اليمن والمنطقة خلال العقود الأخيرة، ما يبرز واقع الدولة المنقسمة اقتصادياً رغم وحدة الحدود.

الأسباب والتداعيات لانقسام سعر الدولار في اليمن

منذ العام 2016، وبعد انقسام البنك المركزي اليمني، دخلت العملة الوطنية في مسار انحدار متسارع طال أمده نتيجة الحرب العبثية التي بدأت عام 2015، مع نقص حاد في النقد الأجنبي، وازدواجية السلطة النقدية التي أدت إلى تشرذم السوق المالي. هذا الانقسام في سعر الدولار بين صنعاء وعدن يعكس أزمة عميقة أدت إلى نشوء سوقين منفصلتين تعملان بشكل مستقل ضمن بلد واحد، وهو ما يخلق تأثيرات سلبية متزايدة على الاقتصاد الوطني. وتأكيدًا لهذا الواقع، قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الحميري إن السيناريو الذي يعيشه اليمن هو “أسوأ بكثير من أزمة انهيار المارك بألمانيا عام 1923″، مما يبرز تفاقم الأزمة بأبعاد تاريخية. حالت الحرب وحالة الانقسام المالي دون توافر آليات فعالة لاستقرار العملة، ما أدى إلى ارتفاع التضخم وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

تأثير الانقسام النقدي على الطبقات الاجتماعية والاقتصادية في اليمن

من رحم الأزمة، يبرز أثر الانقسام النقدي بشكل واضح في حياة المواطنين؛ إذ يواجه موظفو القطاع العام ضغوطًا مالية متزايدة لمجرد تغطية احتياجاتهم الأساسية، كما يروي أحمد العلوي، موظف في صنعاء، معاناة فقدان القدرة على شراء كيس دقيق براتباته الشهرية التي تعادل 100 دولار فقط. في الوقت ذاته، تحولت قطاعات تجارية صغيرة إلى نقاط صرافة، مثلما حصل مع فاطمة التاجرة في عدن التي قالت: “تحولت أرباحي من شهر كامل في التجارة إلى ربح يومي عبر الصرافة”. هذا التغير الهيكلي يؤثر في النظام الاقتصادي المحلي، ويزيد من حجم التحديات خاصة مع رفض التجار قبول عملات من المنطقتين المختلفة وارتفاع حالات إغلاق المحلات التجارية بسبب عدم القدرة على تسعير السلع. يُضاف إلى ذلك وقوع المواطنين في أزمة معيشية تتصاعد بشكل مدمر، حيث تواجه الأسر صعوبة متزايدة في تأمين مستلزماتهم بسبب التضخم المتسارع وتراجع الريال.

الآفاق والمخاطر المستقبلية لانقسام سعر الدولار في اليمن

يخلق الانقسام النقدي في اليمن مستقبلًا غامضًا محفوفًا بالمخاطر، حيث تشير التوقعات إلى احتمال توسع الأزمة المالية وتدهور الوضع الاقتصادي ليصل إلى نقطة اللاعودة في الأشهر المقبلة. ينذر المشهد الحالي بنزوح اقتصادي جماعي من المناطق الشمالية صوب الجنوب، مرافقًا بانخفاض تدريجي في النشاط الاقتصادي للمدن الشمالية. تزداد المخاوف من انفلات الأزمة النقدية، مما يدفع المستثمرين والاقتصاديين لتقديم توصيات استراتيجية مثل تجنب الادخار بالريال اليمني، والتحول إلى الملاذات الآمنة كالذهب والعملات الأجنبية الصعبة. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق العناصر التي تساهم في تعقيد الوضع الاقتصادي:

  • استمرار الحرب وانعدام الاستقرار السياسي
  • نقص الاحتياطات من النقد الأجنبي
  • ازدواجية البنك المركزي وتقسيم السلطة المالية
  • تراجع ثقة المستثمرين والمواطنين في العملة الوطنية
المدينة سعر الدولار مقابل الريال اليمني فرق السعر بالريال
عدن 1631 ريال 1078 ريال
صنعاء 537 ريال

انقسام سعر الدولار في اليمن أصبح معضلة عميقة تواجه الاقتصاد الوطني، وتحول إلى جرح غائر في نسيج المجتمع اليمني، يوازيه تدهور متسارع للعملة المحلية وتصاعد معاناة المواطنين بين إنفاق محدود وقدرات شرائية متآكلة، وسط تساؤلات حرجة عن إمكانية توحيد النظام النقدي وإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد أو استمرار التفكك الاقتصادي طويل الأمد الذي بات يهدد مستقبل البلاد برمته.