انهيار قياسي لليال اليمني أمام الدولار يفتح فجوة 1100 ريال بين المدن

فرق سعر الدولار بين شمال وجنوب اليمن يشهد تفاوتاً كارثياً، حيث يبلغ فارق سعر الدولار الواحد 1110 ريال يمني، وهذا الانقسام الاقتصادي جعل المواطن في صنعاء يعيش بتكلفة تقل بثلاثة أضعاف مقارنة بجاره في عدن؛ إذ يكلف الدولار في الشمال 522 ريال، بينما يرتفع في الجنوب إلى 1632 ريال، وهو فرق يوازي مرتب موظف حكومي لشهرين كاملين.

تحليل تفاوت سعر الدولار بين شمال وجنوب اليمن وأثره على حياة المواطنين

تجربة أم محمد، ربة البيت في عدن، تعكس الواقع المرير الذي تعيشه الأسر جراء هذا الفارق الكبير في سعر الصرف؛ إذ تحتاج إلى 1632 ريال لشراء دولار واحد من أجل علاج ابنها، بينما كانت ستحتاج 522 ريال فقط لو كانت في صنعاء. يؤكد الدكتور عبدالله، الخبير الاقتصادي اليمني، أن هذا الانقسام الاقتصادي هو واقع قائم فعلياً، مع اختلاف يصل إلى أكثر من 300%، وهو معدل غير مسبوق حتى في الدول التي شهدت حروباً أهلية عنيفة. كما يلقي الانقسام بظلاله على سعر الريال السعودي، حيث يبلغ في عدن 428 ريال مقابل 138.5 في صنعاء، مما يعكس عمق الأزمة النقدية التي تواجه اليمن.

جذور الأزمة النقدية وتداعيات انقسام البنك المركزي اليمني

يرجع سبب هذا الانهيار الاقتصادي إلى انقسام البنك المركزي اليمني وظهور سلطنويين نقديتين منفصلتين بعد نقل البنك من صنعاء إلى عدن عام 2016، وسط حرب مستمرة منذ 2014، وحصار اقتصادي شامل، وتوقف صادرات النفط التي كانت تعد شريان الحياة للاقتصاد. هذه العوامل مجتمعة خلقت واقعاً اقتصادياً يشبه إلى حد كبير تقسيم كوريا الشمالية والجنوبية. يحذر محللون اقتصاديون أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار كامل للوحدة الاقتصادية في اليمن، مع تشابه كبير بين الوضع الحالي وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق.
في خطاب واقعي، يروي سالم، المغترب اليمني في السعودية، معاناته قائلاً: “عندما أرسل 1000 ريال سعودي لأهلي في عدن، يتلقون 428 ألف ريال يمني، بينما لو كانوا في صنعاء يحصلون فقط على 138 ألف ريال”. هذا التفاوت الكبير يسبب هجرة داخلية متزايدة من الجنوب إلى الشمال، وهو ما يدفع العائلات إلى تفكيك وحداتها الجغرافية في سبيل النجاة الاقتصادية. تظهر مظاهر الأزمة جلية في الطوابير الطويلة أمام مكاتب الصرافة، وأكوام الأوراق النقدية المهترئة المنتشرة في الشوارع، مما يعبر عن حجم المأساة الإنسانية.

خيارات اليمن المستقبلية لمواجهة واقع اختلاف سعر الدولار في المناطق المختلفة

اليمن اليوم يقف على مفترق طرق خطير يتطلب اتخاذ إجراء فوري؛ فإما أن يتم توحيد السلطة النقدية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو يُترك الأمر لانقسام دائم يُعمق من تداعيات الأزمة ويحول البلاد إلى اقتصاد مقايضة غير رسمي. كل يوم تأخير في معالجة هذه الأزمة يزيد من خسائر مئات الأسر التي تفقد مدخراتها، ويطرح السؤال الصعب: ولأي مدى يمكن لشعب يعايش ثلاثة اقتصادات متباينة داخل نفس البلد أن يصمد في وجه هذا التمزق؟

العملة سعر الصرف في صنعاء (ريال يمني) سعر الصرف في عدن (ريال يمني) الفرق (ريال يمني)
الدولار الأمريكي 522 1632 1110
الريال السعودي 138.5 428 289.5
  • انقسام البنك المركزي ووجود سلطتين نقديتين منفصلتين منذ 2016.
  • الحرب المستمرة والحصار الاقتصادي وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني.
  • توقف صادرات النفط وتراجع الموارد المالية للدولة.
  • الهجرة الداخلية المتزايدة وتأثيرها على التركيبة الاجتماعية والجغرافية.
  • خطر تحول الاقتصاد إلى نظام المقايضة نتيجة لانعدام الاستقرار النقدي.