مسؤول عراقي سابق يطالب بتصحيح سعر الصرف ودمج المصارف لتعزيز الاقتصاد الوطني

البنك المركزي العراقي يشدد على أهمية اندماج المصارف لتعزيز متانة القطاع المصرفي وسط انخفاض ثقة الجمهور، مما يجعل التوجه نحو دمج المصارف ضرورة استراتيجية لتحسين أداء القطاع المالي في العراق. هذا الدمج يهدف إلى رفع كفاءة المصارف وتقليل عددها الزائد، مما يدعم الاستقرار المالي ويعزز ثقة المواطنين في النظام المصرفي.

أهمية اندماج المصارف ودوره في تعزيز الاستقرار المالي في العراق

يشير الواقع المالي في العراق إلى أن اندماج المصارف أصبح خياراً حتمياً لمواجهة التحديات التي يعاني منها القطاع المصرفي، خاصة بعد التوسع الكبير الذي جعل عدد المصارف يفوق حاجة السوق؛ إذ بلغ حوالي 80 مصرفاً، مع تراجع دور بعض المصارف الصغيرة وانسحابها الفعلي من السوق، حسب تصريح إحسان شمران الياسري، نائب محافظ البنك المركزي العراقي الأسبق. ويُبرز الياسري أن أكثر من 70 مصرفاً مرخص رسمياً، لكن غياب الإطار القانوني الذي يمنح البنك المركزي صلاحية فرض الدمج يجعل الحوافز التشجيعية السبيل الأمثل لدعم هذا التوجه، ما يشكل دعامة قوية لتعزيز متانة القطاع المصرفي. كما يعكس إصدار 18 مليون بطاقة إلكترونية وتوزيع أكثر من 60 ألف نقطة دفع في أنحاء العراق جهود البنك المركزي لتوسيع خدمات الدفع الإلكترونية، رغم استمرار عزوف الجمهور عن إيداع أمواله بسبب ضعف الثقة.

تحديات ثقة الجمهور في المصارف وتأثير سعر صرف الدولار على الاقتصاد العراقي

تراجع ثقة الجمهور في المصارف يرتبط بشكل مباشر بتجارب سلبية، أبرزها رفض بعض المصارف تلبية طلبات السحب، مما دفع المواطنين للاحتفاظ بأموالهم نقداً؛ الأمر الذي يزيد من حالة الحذر بين العملاء والمؤسسات المالية. ويرى إحسان الياسري أن ضعف إنفاذ القانون يؤدي إلى تشديد المصارف شروط الإقراض، ما يفاقم الفجوة بين المصارف وجمهورها ويعيق توسيع الخدمات المالية. أما فيما يخص سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، فيحذر الياسري من أن تخفيض سعر الدولار الحالي يؤدي إلى استنزاف احتياطيات البنك المركزي ويُضعف تنافسية الاقتصاد الحقيقي. ويرى أن السعر العادل للدولار ينبغي أن يتراوح بين 2000 و2500 دينار عراقياً للحفاظ على القدرة التنافسية للقطاعات المحلية وتثبيت احتياطيات البنك المركزي، إذ أن الدولار سلعة ثمينة يجب عدم بيعها بأسعار منخفضة للغاية.

نطاق السعر العادل للدولار (دينار عراقي) الأثر المتوقع
2000 – 2500 تعزيز القدرة التنافسية للقطاعات المحلية وتثبيت احتياطيات البنك المركزي

بدائل هيكلة المصارف وتعزيز الشمول المالي لتعزيز الاقتصاد الوطني

يرفض الياسري فكرة استقدام شركاء أجانب ذوي ملاءة مالية لنيل ملكية المصارف، مشيراً إلى أن معظم هذه المصارف تُدار عبر علاقات عائلية، مما يزيد من صعوبة التخلي عن السيطرة. ويقدم حلولاً منطقية تشمل إنشاء صندوق وطني ذي ملاءة مالية عالية بدعم من البنك المركزي، مع مساهمات من المصارف المحلية غير القادرة على زيادة رؤوس أموالها حسب المتطلبات الجديدة. وعلى صعيد الشمول المالي، نجح البنك المركزي في تشجيع استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني وإلزام المؤسسات بالتحول إلى أدوات غير نقدية، رغم أن تفعيل هذه البطاقات محدود نسبياً بسبب ضعف ثقة الجمهور في القطاع المصرفي، ويُعد قبول الدفع الإلكتروني في أسواق بغداد والمحافظات خطوة إيجابية لكنها تحتاج مزيداً من الدعم لتغيير سلوك المستهلكين بشكل كامل.

  • إنشاء صندوق وطني لدعم المصارف مالياً
  • توسيع نطاق استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني
  • تعزيز الرقابة ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

يؤكد الياسري أن العراق يختلف عمّا يُصوَّر عن كونه مساحة واسعة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيراً إلى أن مكتب مكافحة غسل الأموال في البنك المركزي يعتمد على آليات متطورة، وأن الإجراءات الرقابية الحكومية الجديدة تعيق حركة الأموال المشبوهة التي لا يمكنها الخروج بسهولة، حيث تتحول معظمها إلى استثمارات عقارية وشركات داخل البلاد. رغم التحديات الكبيرة في إصلاح الهيكلة المصرفية، يُشير الياسري إلى أن غالبية المصارف المتعثرة اليوم تدار بصورة عائلية ولا تمتلك الاستعداد التحولي المؤسسي، فيما يركز البنك المركزي جهوده على تغيير عقلية الإدارات المصرفية لبناء مؤسسات مالية قوية وموثوقة، قادرة على دعم الاقتصاد الوطني، واستعادة ثقة الجمهور، وتحسين الأداء المصرفي خلال الفترة المقبلة.