قفزت أسعار الفضة لعدة أيام متتالية، مدعومة بتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة، وتبعاً للزخم السعري، بالإضافة إلى تشديد المعروض في السوق الفعلية، مما دفع المعدن الأبيض لتحقيق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، متجاوزةً حاجز 64 دولاراً للأونصة. هذا الارتفاع الملفت نتج عن عوامل متعددة دفعت المستثمرين إلى التفاعل مع تحركات سعر الفضة بشكل مكثف خلال الأسبوع الحالي.
تطورات أسعار الفضة وأثرها على السوق الفعلي
في صباح يوم الجمعة، سجلت أسعار الفضة مستوى قياسياً جديداً تجاوز 64 دولاراً للأونصة، وسط تقلبات سعرية حادة، حيث ارتفعت الفضة بحوالي 10% خلال هذا الأسبوع. هذا الصعود جاء مدعوماً من إشارات تيسير نقدي أظهرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عبر خفض أسعار الفائدة، مع تلميحات إلى ضعف في سوق العمل الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، تلعب أسعار الفائدة المنخفضة دوراً محورياً في دعم أسعار المعادن النفيسة غير المدرة للعائد، مثل الفضة، مما يزيد من جاذبيتها للمستثمرين في ظل بيئة اقتصادية محفزة.
ويرى معظم المحللين أن ارتفاع أسعار الفضة لا يمكن عزوه إلى عامل وحيد، حيث أن ارتفاع الأسعار أحياناً يخلق زخمًا إضافياً يدفع إلى مزيد من الصعود، خاصة مع مشاركة المستثمرين الأفراد والمتداولين الباحثين عن فرص الربح في سوق معروف بتقلباته العالية.
اختناق سوق الفضة في لندن ودور التدفقات العالمية
شهد سوق الفضة في لندن حالة اختناق شديدة استمرت لمدة شهرين نتيجة نفاد المخزونات التي كانت أصلاً منخفضة، متأثرة بتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة والصادرات إلى الهند، مما أضاف ضغوطاً على المعروض. رغم أن خزائن لندن شهدت تدفقات نقدية جديدة بعد ذلك، إلا أن جزءاً كبيراً من الفضة المتاحة عالمياً لا يزال محتجزاً في مخازن نيويورك. في الوقت نفسه، يترقب المتداولون نتائج تحقيق القسم 232 في الولايات المتحدة، الذي قد يفرض رسوماً جمركية أو قيوداً تجارية على الفضة، مما يؤثر على سوق المعدن الأبيض.
- انخفاض مخزونات الفضة في لندن إلى مستويات حرجة
- تدفقات ملحوظة إلى خزائن لندن لتعويض النقص
- توقعات بفرض رسوم جمركية قد تؤثر على أسعار الفضة
وقد وصف دانيال غالي من شركة “تي دي سيكيوريتيز” الحالة الراهنة قائلاً إن الفضة تسجل ارتفاعات مضاربية تنطوي على مخاطر متزايدة، مع توقعه عدم فرض رسوم على الفضة مما قد يعيد تعزيز السيولة وينذر بانخفاض حاد في الأسعار. كما شهد معدل الذهب إلى الفضة تراجعاً، وهو المؤشر الذي يستخدمه المتداولون لتقييم رخص المعدن الأبيض، مسجلاً أدنى مستوى له منذ عام 2021، عند نحو 67 إلى 1.
ازدحام عقود الفضة الآجلة والنظرة المستقبلية للأسعار
تشير مستويات شراء عقود خيار الشراء على الفضة الآجلة وصناديق المؤشرات المتداولة المرتبطة بحجم المعدن إلى حماسة مضاربية متزايدة. تمنح هذه العقود المشترين حق شراء الفضة بسعر محدد مسبقاً، ويُعتبر استخدامها وسيلة فعّالة ومنخفضة التكلفة للمراهنة على ارتفاع أسعار الفضة.
في صندوق “آي شيرز سيلفر تراست” (iShares Silver Trust – SLV) الذي يُعد الأكبر من نوعه، بلغ إجمالي الفائدة المفتوحة لعقود خيار الشراء أعلى مستوياته منذ عام 2020، فيما ارتفعت تكلفة شراء هذه الخيارات مقارنة بخيارات البيع «التحوطية» إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأسابيع الأخيرة. وأوضح إدوارد ستيرنبرغ، رئيس خيارات المعادن في شركة “أوبتيفر هولدنغ”، أن الاهتمام الصعودي في عقود بورصة شيكاغو وصندوق SLV يبدو أنه يدفع أسعار الفضة للأعلى بصورة أكبر من عمليات تغطية المراكز المكشوفة، مع احتمال أن يكون الشراء من جانب المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء، في حين شهدت خيارات البيع تراجعاً ملحوظاً بالرغم من ارتفاع الأسعار.
أما على المدى الطويل، فإن النظرة الأساسية لأسعار الفضة تبقى إيجابية بالرغم من التقلبات السعرية المصحوبة بحركات مفرطة في المدى القريب، وفقًا لكارستن فريتسش، محلل السلع في بنك كومرتس بنك. كما أشار تقرير معهد الفضة إلى زيادة الطلب الصناعي، خصوصًا في قطاعات الخلايا الشمسية والمركبات الكهربائية التي من المتوقع أن تشهد نموًا كبيرًا.
وفي ظل ارتفاع تكلفة المواد الخام، يسعى المصنعون إلى تحقيق كفاءات أو إيجاد بدائل، لكن غالي من “تي دي” يرى أن قفزة الفضة الحادة أثرت سلبًا على الطلب الصناعي، حيث أصبح المعدن يشكل نحو ربع تكلفة تصنيع الخلايا الكهروضوئية.
| المعدن | نسبة الارتفاع هذا العام |
|---|---|
| الفضة | 120% |
| الذهب | 65% |
تُعزى الزيادة الكبيرة في أسعار الفضة إلى تدفقات صناديق المؤشرات المتداولة التي أضافت حوالي 35 مليون أونصة خلال الشهر الماضي، وفقا لبيانات “بلومبرغ”، ما ساهم في دفع الأسعار نحو الأعلى. في الوقت ذاته، سجل سعر الفضة ارتفاعًا بنسبة 1.1% ليصل إلى 64.23 دولارًا للأونصة في منتصف يوم التداول حسب توقيت لندن، بينما ارتفع سعر الذهب بنسبة 1.4%، وحقق كل من البلاتين والبلاديوم مكاسب ملموسة، على الرغم من ارتفاع مؤشر “بلومبرغ” للدولار بشكل طفيف.
