انقسام سعر الدولار في اليمن بين عدن وصنعاء يشكل أزمة اقتصادية حادة تهدد استقرار مدخرات ملايين المواطنين ومستقبلهم المالي، حيث يصل سعر الدولار في عدن إلى 1615 ريال مقابل 537 ريال في صنعاء، ما يعكس فجوة لا تقل عن 201% داخل نفس البلد وبنفس العملة
تداعيات انقسام سعر الدولار في اليمن وتأثيره على القوة الشرائية للمواطنين
يشهد اليمن أزمة غير مسبوقة في انقسام سعر الدولار بين عدن وصنعاء، مما أحدث ارتباكاً اقتصادياً واضحاً يؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية لملايين المواطنين؛ إذ يعاني المواطنون من فقدان جزء كبير من قيمة أموالهم عند التنقل بين المناطق، حيث ينخفض سعر صرف الريال مقابل الدولار بشكل حاد من 1615 ريال في عدن إلى 537 في صنعاء. أحمد المعلم، موظف من صنعاء، يوضح المأساة الشخصية التي تعكس واقع الكثيرين: “راتبي البالغ 60 ألف ريال يعادل هنا 110 دولارات، لكن في عدن لا يتجاوز 37 دولاراً فقط”، وهذه الحالة تمثل ضغطاً مستمراً على حياة العائلات اليمنية في ظل تراجع مستمر لقيمة العملة. وفي سياق مماثل، اضطرت فاطمة إلى بيع مجوهراتها الذهبية في عدن بأسعار مرتفعة لتحويل أموال لأفراد أسرتها في صنعاء، معبرةً عن الإحباط الكبير الناتج عن فقدان قيمة النقود التي باتت تشبه أوراق الشجر في وفرتها ولكن بلا قيمة حقيقية.
الأسباب العميقة لجذور انقسام سعر الدولار في اليمن بين عدن وصنعاء
تعود جذور أزمة انقسام سعر الدولار في اليمن إلى أكثر من عقد من الحرب والتدخلات التي قسمت البلاد إلى مناطق ذات اقتصادات منفصلة؛ فقبل عام 2014، كان سعر الدولار ثابتاً عند نحو 215 ريال في كل أنحاء اليمن، لكن الانقسامات السياسية والأمنية أدت إلى تفكك البنك المركزي بين عدن وصنعاء، ما أسهم في تقسم الاقتصاد اليمني بشكل مروع. كما أدى توقف صادرات النفط إلى شل مصادر الإيرادات، والحصار على الموانئ الشمالية إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وهو ما وصفه الخبير الاقتصادي الدكتور علي بـ”انتحار مالي جماعي”. تؤكد ملامح هذه الأزمة انتشار محلات الصرافة بكثرة في الشوارع التي تهيمن عليها تقلبات أسعار صرف غير مستقرة، في ظل وجود تجار يستغلون هذا التفاوت لتحقيق مكاسب مالية هائلة، مثل محمد التاجر الذي يشتري الدولار في صنعاء ويبيعه في عدن بأسعار تصل إلى ثلاثة أضعاف، مسجلاً أرباحاً ضخمة ويخصص جزءاً منها لدعم الفقراء، لكن الأزمة تراكمت لتخلق فجوة اجتماعية بين العائلات في المناطق المختلفة والأطفال لا يدركون سبب اختلاف القدرة الشرائية بين أقرانهم في المدن المتقاربة.
| المنطقة | سعر الدولار مقابل الريال اليمني |
|---|---|
| عدن | 1615 ريال |
| صنعاء | 537 ريال |
| قبل 2014 (اليمن إجمالاً) | 215 ريال |
توقعات مستقبلية وخطوات مواجهة انقسام سعر الدولار في اليمن
تشير التوقعات إلى مزيد من التدهور في قيمة الريال اليمني خصوصاً في المناطق الشمالية مع احتمال انهياره الكامل واعتماد عملة أجنبية كبديل للريال، ويصف البنك الدولي هذه الحالة بأنها “كارثة اقتصادية صامتة تهدد حياة 30 مليون نسمة”. وسط هذا الواقع المرير، تنصح الخبراء اليمنيين بـتنويع مصادر الدخل والاستثمار في الذهب لتجنب خسائر إضافية، بالإضافة إلى تجنب الاحتفاظ بكميات كبيرة من النقود نقداً، نظراً لتقلبات أسعار الصرف المستمرة. وفيما يلي بعض الإجراءات المقترحة للحد من تأثير انقسام سعر الدولار:
- تنويع مصادر الدخل الشخصية والعائلية لتقليل الاعتماد على العملة المحلية فقط
- الاستثمار في الأصول الثابتة كالذهب كوسيلة لحفظ القيمة
- تجنب الاحتفاظ بمبالغ نقدية كبيرة تقلّب مصيرها مع انقسام سعر الدولار
- متابعة مستمرة لسوق الصرف لتقييم فرص شراء وبيع العملات بشكل حذر
يبقى السؤال المحير مستمراً: متى سيكون انهيار الريال اليمني كاملاً؟ الواقع يشير إلى أن الإجابة تقترب سريعاً والعد التنازلي بدأ من الآن، مما يستوجب تحركاً واقعياً ومستمراً من جميع الفئات لضمان التكيف مع الوضع الجديد وحماية ما تبقى من مدخراتهم وأرزاقهم من هذا الفراغ الاقتصادي المقلق
