تراجع الدولار يقترب من خسارة تسع مرات متتالية بتأثير توقعات الفيدرالي

الدولار يتراجع مع تصاعد توقعات خفض أسعار الفائدة من الفيدرالي وسط تحولات اقتصادية عالمية معقدة

اتجه الدولار نحو تسجيل تراجعه التاسع على التوالي خلال يوم الأربعاء، في ظل تصاعد رهانات المتداولين على خفض سعر الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، متأثراً بالبيانات الاقتصادية الأميركية التي تعزز التوقعات باتباع البنك المركزي سياسة نقدية أكثر تيسيراً خلال الفترة المقبلة؛ الأمر الذي يعكس تغيراً واضحاً في النظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي ومستوى التضخم.

تاثير توقعات خفض الفائدة على الدولار وأداء الأسواق العالمية

أكد عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر الأسبوع الماضي أن وضع سوق العمل الحالي يحتاج إلى خفض إضافي في معدلات الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال ديسمبر الجاري، وذلك على خلفية ضعف مؤشرات سوق العمل. وفي الوقت ذاته، برز المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت كأبرز المرشحين لتولي منصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في المرحلة المقبلة. وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يعتزم الكشف عن اختياره لرئيس الاحتياطي الفيدرالي الجديد في أوائل عام 2026.

من جهتها، أشارت كريستينا هوبر، كبيرة استراتيجيي السوق في شركة “مان جروب”، إلى أن الإعلان المبكر عن تعيين رئيس فيدرالي جديد قد يؤدي إلى وجود “رئيس فيدرالي ظل”، حيث تستمر ولاية الرئيس الحالي جيروم باول حتى مايو، مما قد يعقّد قدرة الفيدرالي على إيصال رسائله الخاصة بالسياسة النقدية ويزيد من حالة الارتباك داخل الأسواق التي تحتاج إلى وضوح أكبر في هذه الفترة.

وزادت توقعات خفض سعر الفائدة خلال هذا الشهر بشكل ملحوظ، حيث بلغت احتمالية خفض الفائدة 87% وفق أداة “فيديواش” التابعة لمجموعة CME، مقارنة بـ30% في 19 نوفمبر. ويتركز حالياً اهتمام المستثمرين على ما بعد قرار ديسمبر، مع توقعات بتخفيض إضافي بمقدار 88 نقطة أساس حتى ديسمبر 2026. وقد تجلى ذلك في تراجع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية بنسبة 0.15% مسجلاً 99.10 نقطة، وبالتالي متجهاً نحو خسارة سنوية تقارب 9% وسط هذه التطورات.

ارتفاع اليورو وتأثير المحادثات الأوكرانية على حركة العملات العالمية

شهد اليورو ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.11% ليصل إلى 1.1639 دولار، حيث يولي المستثمرون اهتماماً كبيراً لتقدم محادثات السلام في أوكرانيا التي من المتوقع أن تؤدي إلى تعزيز أمن الطاقة وانخفاض التكاليف، مما يدعم تقوية العملة الأوروبية الموحدة. مع ذلك، أعلن الكرملين يوم الأربعاء أن روسيا والولايات المتحدة لم تتوصلا إلى اتفاق حول تسوية سلام لإنهاء الحرب، وذلك بعد لقاء استمر خمس ساعات بين الرئيس فلاديمير بوتين ومبعوثي ترامب رفيعي المستوى.

ويتوقع المحللون إمكانية تحقيق اليورو مزيداً من المكاسب في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام شامل، خاصة مع استمرار الإنفاق الدفاعي المرتفع الذي يُعد دعماً للنمو الاقتصادي الأوروبي في السنوات القادمة. وقد جاءت بيانات التضخم في منطقة اليورو أعلى قليلاً من التوقعات، لكن هذا لم يؤثر على توقعات الأسواق التي ترجح بقاء البنك المركزي الأوروبي على حالة الاستقرار في أسعار الفائدة حتى بداية 2027.

الين الياباني والدولار الأسترالي والبيتكوين في ظل تقلبات الأسواق

تراجع الدولار أمام الين الياباني بنسبة 0.13% مسجلاً 155.69 ين، بعد ارتفاعه سابقاً إلى 155.89 ين، وسط إشارة محافظ بنك اليابان كازو أويدا إلى احتمالية رفع سعر الفائدة في وقت لاحق من الشهر الحالي. يرى لي هاردمان، كبير اقتصاديي العملات في MUFG، أن التحركات السوقية الأولية تثير الشكوك حول مدى كفاية رفع الفائدة المبكر من بنك اليابان لمواجهة ضعف الين المستمر منذ أكتوبر، مع توقع دعم رئيسة الوزراء تاكايتشي لسياسة مالية توسعية وتقليل معدلات الفائدة. وينوه المحللون إلى احتمال تدخل واشنطن لوقف نزيف الين حال تجاوز مستواه 160.00 ين، وهو أمر يرجع إلى انتقادات وزير الخزانة الأميركي المتكررة لسياسات بنك اليابان التي أدت إلى انخفاض قيمة العملة اليابانية.

على الجانب الآخر، بلغ الدولار الأسترالي أعلى مستوياته منذ 30 أكتوبر مسجلاً 0.6584 دولار، رغم أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي جاءت أقل من التوقعات. ويتوقع المحللون أن يحافظ بنك الاحتياطي الأسترالي على ثبات أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل. في الهند، شهدت الروبية تجاوز مستوى 90 مقابل الدولار الأميركي، وسط ضغوط ناتجة من ضعف التجارة وتدفقات المحافظ رغم الأداء الاقتصادي القوي لخامس أكبر اقتصاد في العالم.

في أسواق العملات الرقمية، ارتفعت البيتكوين بنسبة 2% لتصل إلى 93,633.70 دولار، مسجلة أعلى سعر في أسبوعين بعد صعودها 6% في الجلسة السابقة؛ وهو تعافي ملحوظ بعد التراجع الحاد في نوفمبر، الذي شهدت فيه خسائر تجاوزت 18 ألف دولار مع تدفقات كبيرة للأموال خارجه. ويُعد هذا التراجع الأكبر بالدولار منذ مايو 2021 حين انهارت عدة عملات مشفرة، ما يعكس استمرار تقلبات السوق الرقمية.

• تراجع الدولار مقابل العملات الرئيسية على خلفية توقعات خفض الفائدة
• مراقبة محادثات السلام في أوكرانيا وتأثيرها على اليورو وأمن الطاقة
• تحركات الين الياباني بين توقعات رفع الفائدة والتدخلات المحتملة
• ارتفاع الدولار الأسترالي رغم بيانات الناتج المحلي غير المتوقعة
• تعافي البيتكوين وسط تقلبات الأسواق الرقمية