«ضغوط ترامب».. هل يجبر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة؟

تمثل قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إحدى القضايا المثيرة للجدل في الاقتصاد العالمي، خاصة مع الضغوط المتزايدة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لخفض معدلات الفائدة. بينما يمكن تخفيض الفائدة أن يدعم الاقتصاد خلال أوقات الركود عبر تشجيع الاقتراض والإنفاق، إلا أن هناك عددًا من العوامل المؤثرة التي جعلت من الصعب تحقيق النتائج المرجوة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي.

أسباب تأثير سياسة الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة طويلة الأجل

تعد أسعار الفائدة طويلة الأجل مثل الرهون العقارية والقروض الشخصية والائتمانية في الغالب متأثرة بقوى السوق أكثر من تأثيرها بأسعار الفائدة قصيرة الأجل التي يقررها الاحتياطي الفيدرالي. السياسات الاقتصادية مثل التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، والهجوم المتواصل على محافظ الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، قد ساهمت بشكل كبير في تقويض ثقة المستثمرين. أدى هذا إلى زيادة تكاليف الاقتراض طويلة الأجل بسبب مخاوف التضخم، حيث يطلب المستثمرون عوائد أعلى لسندات الخزانة كنتيجة مباشرة لذلك.

بالإضافة إلى ذلك، فقد أثّرت مخاوف التضخم الناتجة عن الرسوم الجمركية في رفع الطلب على العوائد؛ وبالتالي، زادت أسعار الفائدة الطويلة الأجل. وبينما يشير ترامب مرارًا إلى ضرورة خفض معدلات الفائدة قصيرة الأجل، فإن أسواق المال تعكس مخاوفها بشأن فقدان البنك لاستقلاليته، مما يعزز العواقب العكسية التي تأتي بنتائج مخالفة للتوقعات.

تأثير التعريفات الجمركية على الاقتصاد وأسعار الفائدة

منذ تطبيق العديد من الرسوم الجمركية على بلدان مثل كندا والمكسيك، أثرت السياسات التجارية على ارتفاع تكلفة القروض. ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بين 4.15% إلى 4.3% في فترة قصيرة، ما أدى لزيادة مباشرة في معدلات الفائدة. المثير للجدل أن هذه السياسات أثرت على أسعار الفائدة على الرهون العقارية، حيث ارتفعت تدريجيًا من 6.6% إلى 6.8%.

كما يرى المحللون أن استمرار العجز في الميزانية الأمريكية وارتفاع الإنفاق العام سيمول باستخدام سندات الخزانة. من المتوقع أن يؤدي هذا إلى زيادة عبء الاقتراض الحكومي على الاقتصاد، ما يدفع بأسعار الفائدة طويلة الأجل نحو الأعلى. لهذا السبب، فإن محاولة البنك المركزي لخفض معدلات الفائدة قد تتعارض مع العوامل الهيكلية في السوق الاقتصادي.

السياسات الاقتصادية وإمكانات خفض معدلات الفائدة

في الوقت الذي يصر فيه ترامب على خفض أسعار الفائدة، تتفاوت توقعات المحللين بشأن قدرة الاحتياطي الفيدرالي على فعل ذلك دون التأثير على استقرار السوق. وصلت معدلات التضخم إلى مستويات 2.4% في مارس، وهي أدنى مستوى لها منذ أشهر، مع التضخم الأساسي عند 2.8%. ومع هذه الظروف، تشير التوقعات إلى أن أي خفض في أسعار الفائدة قد يُفسر على أنه استسلام لضغوط سياسية، مما يؤدي إلى تداعيات طويلة الأجل.

بينما يرغب الاحتياطي الفيدرالي في الانتظار لظهور إشارات واضحة على تباطؤ الاقتصاد، مثل ارتفاع معدلات البطالة، يبدو أن الضغوط السياسية ستستمر في تقويض قرارات صانع السياسة النقدية. وعلى الرغم من التصريحات المتكررة لهدوء معدلات التضخم، يرى البعض أن الرسوم الجمركية ستؤدي حتمًا إلى رفع الأسعار في المستقبل، مما يعزز التحديات التي يواجهها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سياسته المتعلقة بأسعار الفائدة الحالية.