توقير الكبار.. نص خطبة الجمعة القادمة عن احترام السن واحترامه في المجتمع

توقير كبار السن وإكرامهم يشكل ركيزة أساسية في القيم الإسلامية التي حث عليها الدين الحنيف، وجاء ذلك جليًا في خطبة الجمعة ليوم 28 نوفمبر 2025، الموافق 7 جمادي الآخرة 1447 هـ، التي أعلنت عنها وزارة الأوقاف تحت عنوان «توقير كبار السن وإكرامهم». هذا الموضوع يعكس أهمية احترام كبار السن وتقديرهم، وهو ما يتردد صداه في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مما يبرز ضرورة إكرامهم ورعايتهم بكل إخلاص.

توقير كبار السن وإكرامهم في القرآن الكريم والسنة النبوية

في الإسلام، توقير كبار السن يعكس عظمة الشريعة ورفعة الأخلاق التي تدعو إلى الرحمة والاحترام، فقد بين الله سبحانه في كتابه العزيز مراحل حياة الإنسان بداية من الضعف في الطفولة، ثم القوة في الشباب، ثم العودة إلى الضعف والشيب في الكبر، كما في قوله تعالى: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)) سورة الروم 54، وكذلك آيات أخرى تؤكد ضعف الإنسان واحتياجه لدعم المجتمع في شيخوخته، مثل قوله تعالى: ((وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ)) النحل 70. يأمرنا الإسلام بعدم الإساءة لهم بأي لفظ أو تصرف، كما جاء في الآية: ((فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)) الإسراء 23.

قال النبي محمد ﷺ في العديد من الأحاديث الصحيحة على لسان الصحابة، إن من لم يوقّر كبيرنا ولا يرحم صغيرنا ليس منا، وهذا دليل واضح على قيمة احترام كبار السن في الإسلام، كما نصّ حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيب المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط). تكمن مظاهر توقير كبار السن في السنة في أفعال كثيرة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، منها تقديمهم في شرب الماء، وبدء السلام من الصغير إلى الكبير، والإمامة للأكبر سنًا في الصلاة.

دور المجتمع في توقير كبار السن وإكرامهم وتأثيره الإنساني

توقير كبار السن لا يقتصر على حدود الشعائر الدينية فحسب، بل يتعدى ذلك ليصبح قاعدة أساسية في التعامل اليومي والجانب الإنساني للمجتمع؛ فالعجوز في مرحلة الضعف يحتاج من يقف إلى جانبه، ويمنحه الشعور بالأمان والدفء الاجتماعي، لأن الإهمال أو تعكير صفو حياته، رغم كل ما قدمه، يعد نوعًا من الظلم الجلل. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين رأى شيخًا يهوديًا يتسوّل دفع الجزية: “واللهِ ما أنصفناك! نأخذ منك في شبابك ثم نضيّعك في شيخوختك” وأمر له من بيت المال، مما يؤكد على ضرورة المساواة والرحمة تجاه كبار السن بغض النظر عن خلفياتهم، وهذه القيم تدعم اللحمة الاجتماعية وترسخ المحبة والاحترام بين أفراد المجتمع.

ينبغي على الجميع أن يساهموا في تقديم الدعم والمساعدة لكل من تجاوز مرحلة الشباب، كما يجب عدم مزاحمتهم في الطرقات أو دفعهم في وسائل النقل، بل يجب القيام لهم في المجالس وإعطاؤهم الأولوية. إن احترام كبار السن وإكرامهم يعكس مدى رقي الإنسان وأخلاقه، ويعزز التكافل الاجتماعي ويؤسس لبيئة حاضنة تسودها المحبة.

أهمية توقير كبار السن وإكرامهم في الإسلام وأثره في الآخرة

الاحترام الذي يُولي الإسلام كبار السن ليس فقط لمنحهم حقوقهم في هذه الدنيا، بل يمتد تأثيره ليشمل الآخرة، إذ ورد عن النبي ﷺ في حديث حسن صحيح: ((مَن شاب شيبةً في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة)). هذا الحديث يعكس أن الوقوف على حق كبار السن هو عمل مرضٍ لله عز وجل وله أجر عظيم. كما أن توقيرهم جزء من إجلال الله، وهو دليل على التقوى والورع، مما يجعل من احترام كبار السن علامة فارقة على فهم الإنسان لدينه وسلوكياته.

توضيح للسُّنة النبوية يثبت أن توقير كبار السن كان جزءًا لا يتجزأ من تعاليم الإسلام في كل مجالات الحياة، حتى في الشؤون العسكرية، حيث كان النبي ﷺ يأمر بعدم قتل كبار السن، تأكيدًا على أهمية الحفاظ على حياتهم وكرامتهم في جميع الظروف. لذا، على المسلم أن يبذل جهده ليحفظ حقوق كبار السن ويكرمهم من خلال أعمال بسيطة لكنها عظيمة الأثر مثل تقديم الأولوية لهم في المرافق العامة وتحيتهم بسلام واحترام.

  • تقديم كبار السن على غيرهم في المناسبات الشرعية والاجتماعية
  • البداية بالسلام من الصغار إلى الكبار
  • الإمامة الأكبر سنًا صيانةً لمكانتهم ورعايتهم
  • عدم دفعهم أو مضايقتهم في الطرق والمواصلات
  • المساعدة الجسدية والمعنوية بقدر الإمكان