«توقعات غامضة» أسعار الذهب تواجه مصيراً مجهولاً بسبب التوترات السياسية المستمرة

شهدت أسعار الذهب تقلبات قياسية خلال الفترة الأخيرة، متأثرة بتوترات الساحة السياسية والحروب التجارية العالمية، ما جعل من الصعب التنبؤ بسلوك أسعار المعدن الأصفر على المدى القصير، وفي ظل هذه المستجدات، يُعتبَر الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين عند تذبذب الأسواق وضعف استقرار العملات، خاصة مع تزايد طلب البنوك المركزية على الاحتياطي الذهبي.

أسباب تغير أسعار الذهب بشكل متواصل

تشهد أسعار الذهب تغييرات حادة ومتواصلة نتيجة التأثر بالعديد من العوامل الدولية والإقليمية، أبرزها الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين التي أسهمت في زيادة الطلب على الذهب كأصل آمن، إضافة إلى التوترات السياسية بين القوى العالمية قد دفعت الدول إلى تعديل احتياطاتها النقدية لصالح الذهب، باعتباره سلعة تحافظ على قيمتها في الأزمات الاقتصادية، كما أن قرارات البنوك المركزية مثل زيادة شراء سبائك الذهب كان لها أثرٌ واضحٌ على حركة الأسعار.

العديد من الدول تراعي احتمالية انخفاض قيمة الدولار الأمريكي الذي يعد العملة الأهم عالميًا، لذلك تتجه لتعزيز احتياطياتها بالذهب كبديل استراتيجي، فالتغيرات المتلاحقة في الاقتصاد العالمي تتطلب استعدادًا لمواجهة المخاطر المحتملة، ما يجعل المستثمرين يتخذون قرارهم بمزيد من الاستثمار في هذا المعدن لضمان الأمان المالي، الأمر الذي يعزز استمرارية الطلب ويدعم ارتفاع الأسعار.

هل يمكن اعتبار الانخفاضات الحالية حقيقية؟

أكد إيهاب واصف، رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات، أن الانخفاضات الطفيفة التي لحقت بأسعار الذهب في الآونة الأخيرة لا تعكس بالضرورة تراجعًا حقيقيًا، إذ إنها تأتي وسط سلسلة من الارتفاعات الكبيرة التي وصل خلالها سعر الأوقية إلى أرقام قياسية، حيث سجّل الذهب منذ بداية العام 28 مستوى قياسيا، منهم 16 مستوى تجاوز 3 آلاف دولار للأوقية، وبلغت الارتفاعات نسبة 33%، في حين لا تزال النسبة الحالية عند حوالي 31.5%، ولذا فإن الوضع الراهن يعكس تأثرا بتغيرات خارج نطاق الحسابات الاقتصادية الاعتيادية.

الأسواق تواجه حاليا عدم استقرار واضح يجعل الاستثمار في الذهب الخيار المفضل، خاصة مع التوقعات مستقبليًا بأن البنوك المركزية ستستمر في رفع طلباتها لتعزيز احتياطياتها من الذهب على حساب النقد الورقي.

أهمية الذهب في ظل التوترات الاقتصادية العالمية

يلعب الذهب دورًا جوهريًا كملاذ آمن في الأوقات التي تعاني فيها الأسواق من أزمة ثقة أو اضطرابات، ففي ظل الحروب التجارية، خصوصًا بين أكبر القوى الاقتصادية مثل الصين والولايات المتحدة، تضعف القوة الشرائية للعملات، ما يقود المستثمرين إلى تكثيف استثماراتهم في الذهب بهدف تأمين أصولهم ضد تقلبات الأسواق.

إضافة إلى ذلك، فإن توجه الدول إلى استخدام الذهب كجزء أساسي من الاحتياطات يدعم قيمته ويعزز استمرارية ارتفاع الأسعار، حيث يعتبر الذهب أحد الأصول التي تحتفظ بقيمتها على مر الزمن وهو ما يجعله ضرورة استراتيجية للاقتصادات الكبرى المستعدة لكل التقلبات الاقتصادية المحتملة مستقبلا.