مصطفى بكري وتلون الخطاب الإعلامي بين مدح السلطة وانتقادها يعكس ازدياد التساؤلات حول مدى مصداقية الإعلام السياسي في مصر، وهل تغير المواقف الإعلامية مجرد وظيفة ترتبط بالمصلحة السياسية فقط
تحليل تبدّل خطاب مصطفى بكري في المشهد السياسي المصري
في سياق المشهد السياسي المصري، يُعد مصطفى بكري نموذجًا واضحًا على تغيّر الخطاب الإعلامي وفقا لتبدل السلطات، فقد تنقل بين أدوار متباينة متعلقة بمن يملك السلطة بكل مرحلة؛ ففي عهد نظام مبارك، كان من أبرز ممجدي النظام، وحينما سقط هذا النظام انقلب ليكون ناقدًا لاذعًا وموجّهًا الاتهامات؛ وبعد ثورة يناير، تحالف مع السلطة الجديدة حينها ثم تبدل خطابه حسب التغيرات السياسية، أما في الحكم الحالي، فلا يكف عن تمجيد السلطة مُبررًا كل قرار باعتباره جزءًا من حماية الدولة. هذا التلون الواضح بين التأييد والهجوم وضعه في دائرة تساؤلات الجمهور حول قيمة الخطاب الإعلامي وتأثيره على الرأي العام.
مصطفى بكري كرمز لازدواجية المواقف الإعلامية وتأثيرها على الوعي العام
اتهامات علاء مبارك لمصطفى بكري بأنه “لا يثبت على موقف ويتقلب حسب مصلحته” كشفت واقع التلون الإعلامي، ورد مصطفى بكري باتهام علاء بمحاولة “إثارة البلبلة وإعادة دولة مبارك”، ما يعكس حالة الإرباك في الخطابات المتغيرة؛ فالإعلام الذي يصنع رواياته حسب الطلب ويُغير وجهه يوميًا أصبح واضحًا عند الجمهور، الذي بات يميز مختلف الأنماط الإعلامية بكل وضوح:
- من يبيع كلمته دون ثبات على المبادئ
- من يُعدل مبادئه حسب مصلحته
- من يمجد السلطة طمعًا ومصلحة شخصية
- من يهاجم خصوم السلطة بحثًا عن مكاسب مؤقتة
هذه الديناميكية الإعلامية تغذي عدم ثقة المواطن في الخطاب السياسي، علما بأن الفقهاء يرون تزييف الوعي أو تبديل المواقف لإرضاء السلطة نوعًا من الخداع المحرم شرعًا.
الركيزة الإسلامية كموازنة لمواقف الإعلامي مصطفى بكري وتلون الخطاب السياسي
لقد وضعت الشريعة الإسلامية أطرًا واضحة للصدق والثبات، فما ذُكر في القرآن الكريم يحذر من لبس الحق بالباطل وتبديل المواقف تحت تأثير الأهواء، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾، و﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾، كما ورد تقرير النبي ﷺ لصفات المنافق، “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.”، ومع تأكيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قيمة النصيحة: “لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين.” بحسب فقهاء الشريعة، إن إدخال الكذب أو تبديل المواقف الإعلامية لإرضاء الزعيم أو السلطة يدخل تحت باب الخداع المحرم شرعًا، مما يؤكد ضرورة ثبات كلمة الحق كمنهج في الإعلام بعيدًا عن ابتزاز المواقف.
حقيقة الإعلام السياسي في مصر بهذا الحال تعكس تناقضات مستمرة لا تخفى على الجمهور الذي لم يعد يصدق إلا الكلمة الثابتة. الحقائق ثابتة لا تتغير، والسلطات تتبدل، فيما الإعلامي الذي يتبع المصالح دون ثبات المبدأ يسقط مهما علو صوته وقوة ظهوره على الشاشات. قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾، ليكون الإعلام صوتًا صادقًا يحمل كلمة الحق لا يُباع ولا يتحول وفقًا لمن يجلس على الكرسي.
