أحد أسباب جنون أسعار الذهب يعود بشكل كبير إلى ارتفاع مشتريات البنوك المركزية من المعدن الأصفر، حيث لا تزال هذه المؤسسات تستثمر بكثافة في الذهب ضمن استراتيجياتها لتنويع الاحتياطيات وحماية أصولها من المخاطر الجيوسياسية والمالية المتزايدة. وأكدت مؤسسة جولدمان ساكس أن هذه المشتريات تجاوزت بكثير المعدلات السابقة، مما أسهم في دفع أسعار الذهب نحو مستويات قياسية.
أعلنت تقارير مؤسسة جولدمان ساكس عن استمرار البنوك المركزية في شراء كميات كبيرة من الذهب خلال نوفمبر، في اتجاه ينمو منذ عدة سنوات، ويهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي. بحسب محللي البنك في وول ستريت، ارتفعت مشتريات الذهب إلى 64 طناً في سبتمبر مقارنة بـ 21 طناً في أغسطس، وفقاً لوكالة “رويترز”؛ وهو ما يبرز زيادة الطلب المؤسسي بشكل واضح على المعدن الثمين. وقد شكلت هذه المشتريات عاملاً حاسماً في الارتفاع الملحوظ بأسعار الذهب خلال الثلاث سنوات الماضية، حيث بلغت أعلى مستوى لها متجاوزة 4380 دولارًا للأونصة في أكتوبر، رغم تراجعها الطفيف خلال الأسابيع السابقة.
هذا الاتجاه يعبر عن إيمان متزايد لدى البنوك المركزية بأهمية الذهب كعنصر أساسي في موازناتها المالية، إضافة إلى كونه ملاذاً آمناً في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية المتلاحقة، وهو ما يعزز استمرار شراء الذهب بانتظام.
اتجاهات شراء الذهب من قبل البنوك المركزية وتأثيرها على السوق
تتسم مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية بزيادة مستمرة وملحوظة، إذ تعتمد هذه الخطوة على رغبتها في تحصين الاحتياطيات ضد المخاطر الاقتصادية والسياسية المتغيرة. ويرجع هذا النهج إلى عدة عوامل منها:
- تنويع الأصول وتفادي الاعتماد المفرط على العملات التقليدية
- التحوط ضد التقلبات المالية والأزمات العالمية
- الاستفادة من الذهب كملاذ آمن خلال الفترات غير المستقرة
وتُبرز بيانات جولدمان ساكس أن مشتريات الذهب في الأشهر الأخيرة شهدت زخمًا غير مسبوق؛ حيث ارتفعت من معدلات منخفضة إلى كميات ضخمة، ما ساهم في رفع أسعار المعدن وأعطى رسائل إيجابية للسوق حول قوة الطلب المؤسسي.
مستقبل أسعار الذهب في ظل تحول استراتيجيات البنوك المركزية
تجدد مؤسسة جولدمان ساكس توقعاتها الخاصة بأسعار الذهب، متوقعةً وصول السعر إلى 4,900 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2026، مدفوعة بمزيد من الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد. في مذكرة حديثة، تشير المؤسسة إلى احتمالية استمرار ارتفاع الأسعار إذا واصل المستثمرون الأفراد تنويع محافظهم لتشمل الذهب، ما يعكس دور الذهب كأداة استثمار حيوية في ظل عدم استقرار الأسواق.
وخلال تعاملات اليوم، شهد سعر أوقية الذهب تذبذبًا؛ فقد ارتفعت العقود الفورية لتتجاوز 4100 دولار، قبل أن تتراجع إلى 4078 دولارًا، في حين سجلت العقود الآجلة حوالي 4075 دولارًا. هذا التفاوت يعكس حساسية السوق تجاه الأخبار الاقتصادية والجيوسياسية القادمة.
| التاريخ | كمية مشتريات الذهب من البنوك المركزية (طن) | سعر الذهب للأونصة (دولار) |
|---|---|---|
| أغسطس 2023 | 21 | 3900 |
| سبتمبر 2023 | 64 | 4380 |
| نوفمبر 2023 | متواصل | 4078 |
تأثير ارتفاع مشتريات البنوك المركزية على أسعار الذهب في الأسواق العربية
يتزامن ارتفاع مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية مع تقلبات مماثلة في دول العالم العربي، حيث ارتفعت أسعار الذهب في الأسواق المحلية بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة. في مصر، ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 بمقدار 70 جنيهًا في التعاملات المسائية، مع تزايد الطلب وسط حالة من القلق المالي. وفي العراق، شهد عيار 24 ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الذهب، بينما وصل سعر جرام الذهب في السعودية إلى مستويات جديدة متأثرًا بالزيادة العالمية في الأسعار.
هذا المشهد يؤكد أن ارتفاع مشتريات البنوك المركزية من الذهب يلعب دوراً مباشراً في رفع الأسعار، مما يجعل الذهب خيارًا متزايد الأهمية للمستثمرين في المنطقة، خصوصاً في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي المستمرة.
يبقى الذهب ذا أهمية بالغة ليس فقط كمخزن للقيمة، بل أيضاً كعنصر فعال في إدارة المحافظ الاستثمارية بالمنطقة والعالم، حيث يؤدي ارتفاع الطلب من البنوك المركزية إلى تعزيز السيولة وتثبيت الأسعار ضمن نطاقات أعلى، مما يؤثر على قرارات الشراء والبيع في الأسواق العالمية والمحلية على حد سواء.
