كل واحد في حاله ولكن الرحمة والتعاطف أساس المجتمع الذي يدعو الإسلام إليه، فمشهد الحافلة المكتظة لا يعكس فقط الحركة البدنية للمقاعد، بل يحمل خلفه قصصًا إنسانية متعبة تفيض بالحزن والهموم والصمت، بينما تتشابك الأكتاف بلا تلامس للأرواح، وكل فرد غارق في معاناته الخاصة يئن بصمت.
كل واحد في حاله بين مشقات الحياة ودروس القرآن الكريم
داخل ضجيج الحافلة وحيويتها، نجد وجوهًا تحكي قصة كفاح الإنسان ضد عمق التعب، تمامًا كما وصف الله تعالى الإنسان في قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾، إذ يعيش كل راكب لحظته الصعبة أحاطها الزمن والتجارب. هذه المشقة لا تعني استسلامًا بل تحمل في طياتها وعدًا وفرجًا: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، تذكيرٌ بأن وراء كل شدّة راحة وفتح باب أمل، هذا ما يهمس به الكون من خلال زحام الحافلة والغربة التي تعصف بقلوب الناس المكدودة.
كيف يرد الإسلام على “كل واحد في حاله” بدعوة للتراحم والتعاون
إن الدعوة الإلهية تدعو لنقيض العزلة، وتحث على التعاون والتراحم: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾؛ فهي رسالة واضحة لترك الحواجز جانبًا ومدّ اليد للآخرين. فقد علّم النبي محمد ﷺ أن المؤمن يشد من أزر أخيه ويخفف عنه، مؤكدًا أن الرحمة ليست مجرد خيار بل عبادة عميقة الارتباط بالله، حيث يقول: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»، وهنا قد يكفي سؤال بسيط أو كلمة لطيفة لتغيير حياة يواجهها من انهار بصمت في الزحام.
- تمثيل الصحابة والخلفاء الراشدين للنظر إلى الناس كأمانة مسؤولة.
- التأكيد على أن الإنسان لا يجوز أن يترك وحده أمام أوجاعه ومحنه.
- الإجماع الفقهي على أن تفريج الكربات عمل يعظم الأجر والقرب من الله.
تدبير القلوب والنفوس بين صمت الحافلة وواقع المجتمع الإسلامي
إن مشهد الحافلة لا يرينا فقط أناسًا على مقاعد متلاصقة، بل يوضح كيف يمكن للقلب أن يكون بعيدًا رغم القرب الجسدي، فهذا التصور يطرح سؤالًا عميقًا عن طبيعة التواصل الإنساني التي يرعاها الشرع. فقد أكد كبار الصحابة والخلفاء أن الناس صنفان: إما أخ في الدين أو نظير في الإنسانية، ولا مكان لوحدة المرء في محنته. فكما قال الإمام الشافعي: “من لم تعطه الدنيا فكرم الأخلاق يكفيه”، وهذا يعكس أن الفقر الحقيقي هو ذاك الذي ينشأ من فقر القلوب وغياب التعاطف. وبحسب الحسن البصري، فإن استمرار الخير في الناس مرتبط بتعاطفهم، حيث الرحمة هي الرابط الأساسي الذي يحمينا من انحلال الروابط الاجتماعية والإنسانية.
| العنصر | المضمون |
|---|---|
| الحزن الصامت | قصص وهموم الأفراد في الحافلة دون تواصل حقيقي |
| دور الدين | دعوة للتراحم والتعاون وإزالة العزلة |
| الصحابة والخلفاء | رؤية الناس كأمانة ومسؤولية |
| التعاطف والرحمة | أساس الثبات الاجتماعي وقرب الله |
إن التعبير “كل واحد في حاله” لا يتوافق مع روح الإسلام، فهو يحثنا على أن نكون قريبين من بعضنا، نمد يد الرحمة بأفعالنا وكلماتنا لنخفف تعب القلوب ونساند بعضنا، فليست القلوب متباعدة إلا إذا غاب العطف والرحمة، وهذا بالضبط ما يحذر منه الشرع. علينا أن نعيش التآزر الحقيقي على طريق طويل لا تخلو طرقه من الأعباء، إيثارًا لإنسانية تليق بأن يُنظر إليها بمنظار الرحمة والتكافل.
