الأزمة السياسية في ليبيا تشهد تهديدات مستمرة بتحولها إلى حالة مستدامة يصعب تجاوزها، وسط الانقسامات العميقة والصراعات المحتدمة بين الفصائل المحلية. هذا ما حذرت منه الباحثة الأوروبية فيدريكا فاسانوتي، التي أبرزت في تحليلها المنشور عبر مركز «خدمات الاستخبارات الجيوسياسية» في ليختنشتاين، كيف أن المشهد السياسي والأمني في ليبيا يعاني من جمود مستمر، لا يسمح لأي طرف بتوحيد البلاد، رغم امتلاكهم قوات وعناصر تمنع أي توافق سياسي.
تفاصيل الأزمة السياسية في ليبيا بين الجمود الأمني والتنافس على السلطة
الأزمة السياسية في ليبيا تكشف عن هشاشة الوضع الأمني بوضوح، خصوصًا مع تزايد الاشتباكات المسلحة في العاصمة طرابلس، التي تفاقمت بسبب النزاعات على المناصب الأمنية الحساسة. وحاول رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تفكيك التشكيلات المسلحة التي لا تدين بالولاء له، الأمر الذي أدى إلى تعطيل اتفاقيات تقاسم السلطة وإشعال نار المواجهات من جديد؛ مما يعكس مدى هشاشة واستعصاء المشهد السياسي الليبي، في ظل استمرار الصراع بين الدبيبة وقائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر. هذا التنافس الثنائي يُغذي حالة الشلل السياسي القائمة، مع امتلاك كلا الطرفين أدوات كافية لإفشال كل محاولة سلام أو تسوية سياسية.
دور تركيا والتأثير الأجنبي في تطورات الأزمة السياسية في ليبيا
تُعتبر تركيا القوة الأجنبية الأكثر تأثيرًا في التطورات السياسية والعسكرية في ليبيا، حيث استثمرت في عقود الطاقة ومشاريع البناء بمنطقة الغرب الليبي، مع توسيع تحالفاتها تدريجيًا نحو الشرق، عبر لقاءاتها مع المشير خليفة حفتر وحلفائه؛ بهدف تعزيز نفوذها على جانبي الصراع المتشابك. هذا النفوذ يتداخل مع الأزمة السياسية في ليبيا، مما يعقد أي جهد دولي لتحقيق الاستقرار في البلاد، ويبرز دور تركيا كلاعب أساسي في المشهد الليبي المعقد، عبر علاقاتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية.
التداعيات الأوروبية والسيناريوهات المحتملة للأزمة السياسية في ليبيا
أكدت الباحثة الأوروبية فاسانوتي أن الاتحاد الأوروبي يتغاضى عن الأزمة السياسية في ليبيا، رغم تأثيراتها الكبيرة على الهجرة وأمن الطاقة في أوروبا، خصوصًا مع احتمالية استمرار تدفق المهاجرين إلى إيطاليا بسبب الفوضى المتفاقمة في ليبيا. كما تلقي هذه الفوضى بظلالها على إنتاج النفط والغاز، الذي يهم استثمارات شركة «إيني» الإيطالية، ما يمنح الجماعات الإرهابية موطئ قدم جديدًا يهدد استقرار المنطقة. ولهذا، ترسم فاسانوتي سيناريوهين رئيسيين محتملين:
- السيناريو الأكثر ترجيحًا: بقاء الانقسام بين الشرق والغرب مع استمرار عبد الحميد الدبيبة في منصبه، وحفظ خليفة حفتر مؤسساته الموازية، مع تواصل المواجهات المسلحة في طرابلس
- السيناريو الأقل احتمالًا: نجاح جهد دبلوماسي موحد، قد يقوده الجانب التركي، للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة، وتشكيل حكومة مؤقتة تمهيدًا لإجراء الانتخابات الوطنية
| السيناريو | الوصف |
|---|---|
| الأكثر ترجيحًا | الانقسام الدائم بين الشرق والغرب، واستمرار الاشتباكات المسلحة في طرابلس |
| الأقل احتمالًا | نجاح جهد دبلوماسي موحد وتشكيل حكومة موقتة مع تحضير للانتخابات الوطنية |
توضح التحليلات أن الأزمة السياسية في ليبيا تبقى معقدة ومتجذرة، في ظل تنافس داخلي مُعقّد ودور دولي متداخل، مما يضع البلاد أمام تحديات أمنية وسياسية كبيرة قد تستمر لفترة طويلة، ما لم تنشأ حلول سياسية حقيقية توافقية ترقى لتطلعات الليبيين وأطراف المجتمع الدولي.
