السبب في اصطحاب الأطفال والبهائم لصلاة الاستسقاء
صلاة الاستسقاء من الشعائر النبوية التي يلجأ إليها المسلمون عند انحباس المطر أو نقصه، وهي تعبير واضح عن التوكل على الله وطلب الرحمة والغيث منه وحده. ومن السنن المستحبة في صلاة الاستسقاء اصطحاب الأطفال والبهائم، لما لذلك من دلالات روحية واجتماعية مهمة، تعكس الحاجة الماسة للرحمة والبركة في جميع مناحي الحياة.
السبب في اصطحاب الأطفال والبهائم لصلاة الاستسقاء وأثر ذلك الروحي والاجتماعي
اصطحاب الأطفال والبهائم إلى صلاة الاستسقاء جاء تقديرًا لمكانة هؤلاء الصغار والبهائم عند الله، فهم لم يرتكبوا ذنبًا بعد، ولهذا يُرجى أن يرحم الله بهم عباده وينزل المطر رحمةً وفضلًا. إذ إن تواجدهم يعكس التضرع والتذلل لله بقلوب نقية كما أنهم يحثون القلوب على العودة إلى الله بإخلاص دون وسائط، فتحول هذا الفعل إلى رمز للبراءة والرجاء يغمر الدعاء في جو من الرحمة والشفقة.
كيفية أداء صلاة الاستسقاء وضرورة اتباع السنن المتعلقة بها
تُصلى صلاة الاستسقاء ركعتين جهراً، وتشمل خطوات عدة مستوحاة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، مع سنن تميزها عن غيرها من الصلوات مثل تحويل الرداء:
- يبدأ الإمام الصلاة بافتتاحية تكبيرية تتضمن تكبيرات زائدة تزيد على تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة وسورة الأعلى في الركعة الأولى، وسورة الغاشية في الثانية
- تُسن الخطبتان بعد الصلاة أو قبلها بحسب المذهب، تركزان على الاستغفار والتوبة وتلاوة آيات تذكر بالرجوع إلى الله
- يتم رفع اليدين بالدعاء الخاص بسقيا الغيث الذي ورد عن النبي، مع توجه القلب صوب القبلة وخشوع الجميع
- عقب الدعاء، تبدأ سنة تحويل الرداء التي يقوم فيها الإمام والمصلون بقلب ردائهم يمنة ويسرة، تعبيرًا عن تحول الحال من القحط إلى الفيض والبركة
المكان المفضل لأداء الصلاة هو الخارج من العمران وفي مصلى واسع يتسنى فيه جمع الناس برفقة الأطفال والبهائم، لأن ذلك يُعزز روح الجماعة ويجسد الشعور بالافتقار المطلق إلى الله تعالى.
السنن المستحبة قبل صلاة الاستسقاء ودورها في قبول الدعاء
تحرص المذاهب الإسلامية على تحضير النفوس والجماعة لصلاة الاستسقاء عبر سنن تثري هذه العبادة من بينها التوبة الصادقة والاستغفار بجميع الذنوب خصوصًا تلك التي تعيق نزول المطر، إذ أن المعاصي تمنع القطر كما جاء في الأحاديث. بالإضافة إلى الصيام لثلاثة أيام قبل الصلاة والتزايد في الصدقة وصلة الرحم، كون ذلك سببًا لقبول الدعاء ورفع البلاء، مع استباق تحديد موعد الخروج إلى الصلاة بثلاثة أيام من قبل الحكام والعلماء.
يُشجع الخروج إلى المصلى مشيًا مع التواضع والسكينة وابتعادًا عن التزيّن للتركيز على جو التضرع، ويعتبر اصطحاب الأطفال والبهائم علامة على نقاء النفوس وطلب الرحمة دون تحفظ، فهو تجسيد حي للتوكل على الله والتضرع إليه بكل ما يُحب ويُعزه.
إن صلاة الاستسقاء ليست مجرد صلاة تقام في وقت الجفاف، بل هي درس في التوكل، والاستسلام لمشيئة الخالق، وإقرار الإنسان بتقصيره، والاعتراف بأن المطر رزق من الله يُعطى ويمنع لحكمة يستدعيها حكمه البالغة، لذا فإن حضور الأطفال والبهائم يضع القلب في حالة من البراءة التي تدفع الله سبحانه إلى الرحمة والإنزال برحمته الغيث النافع غير الضار، عاجلاً غير آجل.
