الإفتاء: لا حرج شرعي في تشييع المسلم لجنازة مسيحي وفق الأدلة الشرعية

أوضحت دار الإفتاء المصرية مؤخرًا الجدل القائم حول حكم مشاركة المسلم في جنازة مسيحي، مؤكدة أنه لا حرج شرعي في هذا الفعل، بل يُعد من مكارم الأخلاق وصور البر التي أكد عليها الإسلام. كما قامت الفتوى بتوضيح الأدلة من السنة النبوية ومواقف الصحابة لبيان جواز هذا التصرف الذي يهدف لنشر قيم الرحمة والعدل والمواساة لجميع البشر.

حكم تشييع المسلم لجنازة مسيحي في الإسلام

تؤكد الشريعة الإسلامية أن الإسلام دين الرحمة والإنسانية الذي يدعو لحسن المعاملة تجاه جميع الناس، بغض النظر عن دياناتهم. استشهدت دار الإفتاء بما ورد في السنة النبوية أن النبي محمد ﷺ قام لجنازة يهودي وقال حين أُخبر بأنها ليهودي: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟»، مما يُبين تقدير الإسلام للنفس البشرية. وأيدت أقوال العلماء والمواقف التاريخية فعل حسن المعاملة، مثل موقف الصحابة الذين شيّعوا جنازة أم الحارث بن أبي ربيعة، التي كانت نصرانية، مما يدل على جواز تشييع جنازات غير المسلمين.

الأدلة الشرعية على السماح بتشييع المسلم لجنازة غير المسلم

الأدلة المستندة إلى نصوص السنة النبوية ومواقف الصحابة تؤكد جواز اتباع جنازة غير المسلم. على سبيل المثال، روى جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ وقف لجنازة يهودي احترامًا لنفس الإنسان، فيما أضاف أن النبي وصحابته لم يفرقوا بين المسلمين وغيرهم في إطار القيم الإنسانية. وأكد الفقهاء من الحنفية والشافعية على إباحة اتباع المسلم لجنازة غير المسلم، سواء كان المتوفى قريبًا منه أو جارًا أو حتى غريبًا، استنادًا إلى المواقف الإنسانية التي تعزز الرحمة والعدل.

أهمية تعزيز قيم التعايش في الإسلام

الإسلام يحرص على تعزيز قيم التعايش في المجتمعات من خلال دعوته لمعاملة غير المسلمين بالحسنى، كما أوضحت دار الإفتاء أن المشاركة في مناسباتهم، بما في ذلك تشييع جنائزهم، يُظهر مبادئ الإسلام الحقيقية القائمة على البر والتعاون. يعتمد هذا على الآية القرآنية: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ…﴾ [الممتحنة: 8]، التي تعزز قيمة الإحسان واحترام الآخر في كل الأحوال.

بناءً على الأدلة الشرعية، فإن اتباع المسلم لجنازة غير المسلم يعكس أخلاق الرحمة والمواساة التي يوثقها الإسلام، دون أي تعارض مع العقيدة الأساسية. هذا الموقف يثري التآخي بين البشر ويعزز معاني التعايش السلمي داخل المجتمعات.