الذهب يواصل الصعود القوي وسط غياب تصحيحات كبيرة في الأسواق

يشهد الذهب صعودًا استثنائيًا في الأسواق العالمية في ظل الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية التي تعصف بالعالم، حيث أصبح هذا المعدن النفيس بمثابة “العملة الصامتة” التي يبحث عنها المستثمرون كحل آمن في مواجهة تراجع الأسهم والعملات وارتفاع التضخم، فمنذ العام 2020، استمر الذهب في كسب مكانته بفعل مختلف العوامل التي تعزز قوته المستقبلية.

أسباب صعود الذهب في ظل الظروف الاقتصادية العالمية

الذهب يشهد طلبًا متزايدًا بسبب عوامل عديدة بدءًا من الظروف الاقتصادية غير المستقرة وصولًا إلى الضغوط الجيوسياسية، إذ يتعرض الاقتصاد العالمي لضغوط متعددة، منها التباطؤ في نمو الاقتصادات الكبرى، وارتفاع التضخم، بالإضافة إلى توجه السياسة النقدية نحو رفع أسعار الفائدة، كل هذه العوامل أثرت سلبًا على الأصول التقليدية كالأسهم والعملات مما أعطى الذهب فرصة مثالية للصعود، بالإضافة إلى ذلك أصبحت قرارات البنوك المركزية، مثل البنك الفيدرالي الأمريكي، محدودة التأثير خصوصًا مع ارتفاع التوترات السياسية التي تضعف الثقة في العملات العالمية.

البنوك المركزية ودورها في دعم سعر الذهب

برزت البنوك المركزية على الساحة كأحد أهم العوامل المؤثرة على صعود الذهب حيث تجاوزت مشترياتها من المعدن النفيس 1037 طنًا في عام 2023 وحده، وتستمر هذه المشتريات بوتيرة كبيرة خلال عام 2025 نظرًا للمخاوف من استقرار النظام النقدي العالمي، وتُشير التوقعات إلى أن هذا التوجه مستمر مع تسجيل بعض الدول الآسيوية المزيد من مشتريات الذهب بوتيرة متزايدة، مثل الصين التي تعد من بين الدول الأعلى حيازة احتياطية، كما تشير الإحصائيات إلى أن الاحتياط العالمي من الذهب لدى البنوك المركزية الآن يتجاوز 37 ألف طن.

توقعات مستقبلية لاستراتيجية الاستثمار في الذهب

يرى خبراء الأسواق أن الذهب سيبقى مرشحًا للصعود المستمر كونه أصلًا استراتيجيًا يدعمه الطلب المؤسسي والتحوط من تقلبات الأسواق، فقد شهدت الأسواق مؤخرًا تفاؤلًا غير مسبوق من قبل البنوك الكبرى مثل جولدمان ساكس التي توقعت وصول الذهب إلى 4000 دولار للأونصة خلال العام المقبل، فضلًا عن الدعم المتزايد الذي يحظى به من قبل صناديق التقاعد والمؤسسات المالية الكبرى، ومع غياب البدائل المستقرة وعدم اليقين حول العملات الرقمية، يظل الذهب الخيار الأكثر جذبًا.

وبينما يعيد العالم ترتيب أولوياته الاستثمارية، يبقى الذهب خيارًا لا غنى عنه بين المستثمرين سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي، مما يُبرز مكانته كركيزة أساسية لبناء استراتيجيات استثمارية طويلة الأجل.