الدولار ينخفض بشكل مفاجئ بعد قرار المركزي.. ما الأسباب وراء التراجع؟

أثار قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة تساؤلات متعددة حول انعكاساته المتوقعة على الاقتصاد المحلي وخاصة سوق الصرف الأجنبي، وبرغم التوقعات بارتفاع سعر الدولار بعد القرار، إلا أن العكس تمامًا حدث مع تراجع قيمته أمام الجنيه المصري؛ مما فتح الباب أمام العديد من التفسيرات المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية وتحليل التقارير الدولية الأخيرة التي أثرت في هذا المشهد.

كيف أثر خفض الفائدة على سوق الذهب وسعر الدولار؟

خفض البنك المركزي المصري يوم الخميس الفائت سعر الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، معدل جاء أعلى من توقعات الأسواق التي توقعت تخفيضًا أقل، ونتيجة لهذا القرار، كان متوقعًا ارتفاع سعر الذهب، حيث تتجه الاستثمارات نحو هذا السوق كبديل مربح عن الشهادات ذات العوائد العالية، وبالفعل ارتفعت أسعار الذهب وتحركت البنوك لتقليل الفائدة على أدوات الادخار، إلا أن سعر الدولار لم يكن متماشيًا مع التوقعات الأولية حيث سجل انخفاضًا طفيفًا بدلاً من الارتفاع المتوقع.
عادةً ما يؤدي خفض الفائدة إلى خروج الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة بسبب تقليل جاذبية العوائد، وهو ما يؤثر على معروض العملات الأجنبية وبالتالي يرفع سعر الدولار، لكن في هذه الحالة لم تحدث الهجرة المتوقعة لرأس المال للخارج، ما أدى إلى تماسك سعر الجنيه المصري وتحقيق نتائج غير اعتيادية رغم الظروف الاقتصادية العالمية.

لماذا انخفض الدولار رغم التوقعات؟

هناك عدة أسباب يمكن أن تفسر انخفاض الدولار أمام الجنيه المصري، أولها هو استمرار الطلب الأجنبي على السندات وأذون الخزانة المصرية حتى عقب خفض الفائدة، فالسوق المصرية ظلت أكثر جاذبية مقارنة ببعض الأسواق العالمية التي تعاني من تقلبات وأزمات تجارية؛ ثانيًا، جاءت إشادات المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي لتؤكد توقعات إيجابية بشأن الأداء الاقتصادي المصري مثل تراجع معدلات التضخم والعجز المالي وزيادة النمو الاقتصادي خلال العامين المقبلين، مما ساهم في تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية والعربية.
من جهة أخرى، لم تؤثر الأزمات الدولية على مصر بشكل كبير، حيث تمكنت الدولة من التكيف مع التحديات العالمية دون التأثير على استقرار العملة أو الوضع الاستثماري، وهو ما يبدو جليًا في صفقات استثمارية كبرى تم الإعلان عنها مؤخرًا مع دول الخليج.

ما علاقة تحسن موارد العملة الصعبة بانخفاض الدولار؟

ساهمت الزيادة الملحوظة في موارد العملة الصعبة، مثل صادرات الغاز والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، في تقوية الجنيه المصري، إلى جانب تنويع مصادر الإيرادات الأجنبية، مما أتاح مرونة أكبر للسوق لتلبية الطلب على العملة الأجنبية، ومع استمرار الدولة في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان دون ضغوط تضخمية أو أزمات، تمكن الاقتصاد من الدخول في منطقة استقرار واستدامة؛ بالإضافة إلى ذلك، تعكس وفرة السلع الأساسية انخفاض الضغوط الاقتصادية، مما يعزز الثقة في العملة المحلية ويؤثر إيجابيًا على أسعار الصرف.
بجانب تحليل عوامل العرض والطلب، أشارت وكالات التصنيف الائتماني إلى الأداء القوي للمؤشرات الاقتصادية وأكدت توقعاتها بمزيد من التحسن الاقتصادي، مما يدعم استقرار السوق وإيجابية التوقعات المستقبلية.