الذهب يتراجع مع انحسار التوتر في السوق وانتعاش الأسهم عالميًا

تعتبر التغيرات في أسعار الذهب واحدة من أبرز المؤشرات الاقتصادية التي تثير اهتمام المستثمرين حول العالم، حيث تشهد الأسواق حركات متقلبة تعكس العديد من التطورات الاقتصادية والجيوسياسية. سجل الذهب انخفاضًا ملحوظًا مؤخرًا في ظل تصريحات الرئيس دونالد ترمب التي أثرت على معنويات السوق، مصحوبة بتوقعات كبيرة حول مستقبل هذا المعدن النفيس وتأثير الأوضاع العالمية على قيمته.

انخفاض أسعار الذهب مع عودة التفاؤل في السوق

شهدت أسعار الذهب تراجعًا لافتًا بنسبة 2 % مع ارتفاع شهية المخاطرة في الأسواق، إذ أدى تخفيف التوترات بين الولايات المتحدة والصين إلى انخفاض الطلب على الذهب كملاذ آمن. وبلغ سعر الأوقية الفورية من الذهب 3,318.71 دولارًا، بينما تراجعت العقود المستقبلية بنسبة 2.7 % لتصل إلى 3,328.10 دولارًا. التغيرات في المشهد السياسي، مثل تراجع هجوم ترمب على الاحتياطي الفيدرالي ومعارضته لسياساته النقدية، ساهمت في تفاؤل المستثمرين ودعم العملات والأسهم العالمية، وبالتالي قللت من جاذبية الذهب كملاذ آمن.

تصريحات ترمب حول احتمالية تخفيض الرسوم الجمركية مع الصين وإمكانية استئناف المفاوضات فتحت أفاقًا جديدة للتعاون التجاري بين أكبر اقتصادين عالميين. وأدى هذا التفاؤل إلى تحول أنظار المستثمرين نحو الأسهم بدلاً من الذهب، كما أن التحسن في الدولار الأميركي جعل تكاليف شراء الذهب أكثر ارتفاعًا بالنسبة للدول الأخرى.

توقعات مستقبلية لأسعار الذهب

على الرغم من التراجع الحالي في أسعار الذهب، يتوقع محللو الاقتصاد، وفقًا لبنك جي بي مورغان، أن تصل أسعار الذهب إلى مستويات قياسية تبلغ 4,000 دولار للأونصة بحلول الربع الثاني من عام 2026. هذا التوقع مبني على عدة عوامل مثل توقعات الركود العالمي، استمرار اضطراب العلاقات التجارية بين الدول الكبرى، وزيادة الطلب من البنوك المركزية. ومع ذلك، فإن تغيرات مثل انخفاض مفاجئ في هذا الطلب أو مرونة الاقتصاد الأميركي قد تُبطئ من الاتجاه الصعودي المتوقع لأسعار المعدن الأصفر.

إضافةً إلى ذلك، تظل المعادن الأخرى مصاحبة للحالة العامة للذهب، حيث ارتفعت أسعار الفضة إلى 32.64 دولارًا للأوقية، بينما شهد البلاتين والبلاديوم تقلبات طفيفة، مما يشير إلى أن الأسواق لا تزال تتخذ موقفًا حذرًا تجاه استثماراتها.

ردود الأسواق وتوقعات التداول المستقبلية

تعافت الأسواق العالمية بشكل طفيف بعد تصريحات ترمب المخففة للهجوم على الاحتياطي الفيدرالي، حيث ارتفعت أسهم آسيا والمحيط الهادئ بنسبة ملحوظة. وسجل مؤشر نيكي الياباني والمناطق الآسيوية الأخرى مكاسب على خلفية عودة الثقة جزئيًا في الأصول عالية المخاطر. ومع ذلك، فإن الأسواق لم تستجب بالكامل لتقلبات التصريحات السياسية، مما يعكس استمرار حالة عدم اليقين حتى الآن.

وقد انعكس هذا الوضع أيضًا على سوق العملات، حيث سجل الدولار ارتفاعات طفيفة مقابل العملات الأخرى، وشهدت السندات الحكومية الأميركية عمليات غير متوقعة بفعل مخاوف المستثمرين حول استقرار البيئة الاقتصادية والسياسية. بالمجمل، تُظهر الحركات الأخيرة في الأسواق أن الذهب سيظل مرتبطًا بشدة بالتطورات العالمية، وأن قرارات السياسة الاقتصادية الكبرى هي العامل الوحيد الذي يمكنه إعادة الزخم لهذا المعدن مستقبلاً.