أسعار البنزين في مصر وارتفاعها رغم انخفاض النفط وتحسن الجنيه يعود لضغوط مالية وهيكلية داخلية والتزامات حكومية طويلة الأمد تتجاوز التأثيرات العالمية اللحظية؛ هذا ما أكده خبراء البترول والاقتصاد الذين أكدوا أن العوامل الإيجابية الأخيرة مثل تراجع أسعار النفط عالميًا وتحسن سعر صرف الجنيه لم تكن كافية لمنع الحكومة من رفع الأسعار، نظرًا للتحديات المستمرة في منظومة الطاقة المصرية.
لماذا أسعار البنزين في مصر ترتفع رغم انخفاض النفط العالمي وتحسن سعر صرف الجنيه؟
تواجه مصر تحديات مالية وهيكلية عميقة في قطاع الطاقة لا تسمح بتأثير انخفاض أسعار النفط وتحسن سعر صرف الجنيه بشكل مباشر على أسعار البنزين والسولار؛ فتكلفة الاستيراد المرتفعة وتراكم مديونيات قطاعات البترول والكهرباء تشكل عبئًا متصاعدًا على الموازنة العامة. ويتشارك صناع القرار مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي في التزامات تتعلق بخفض دعم الطاقة تدريجيًا. وهذا ما دفع الحكومة لاتخاذ قرار برفع أسعار البنزين والسولار بمقدار جنيهين للتر، ضمن خطة اقتصادية تهدف للتخفيف من الأعباء المالية الناتجة عن دعم الطاقة وزيادة الاعتماد على الاستيراد.
كيف يفسر الخبراء قرار رفع أسعار البنزين رغم تراجع تكلفة النفط وتحسن الجنيه؟
محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي وعضو المكتب السياسي بحزب العدل، أشار إلى أن رفع الأسعار قرار اقتصادي يستند إلى خلل هيكلي في منظومة الطاقة؛ يتمثل في تناقص الإنتاج المحلي وزيادة استيراد المشتقات النفطية بأسعار مرتبطة بالأسواق العالمية وبالعملة الصعبة، مما يضغط على الاحتياطي النقدي وموازنة الدولة. بينما مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أوضح أن انخفاض سعر النفط وتحسن الجنيه لهما تأثير محدود على التكلفة بسبب اعتمادية المكون الأسعاري على الاستيراد والشركات المحلية التي تتعامل بأسعار عالمية. وأكد أن سياسة الحكومة تتجه نحو تحرير أسعار البنزين تدريجيًا، مع تخطيط طويل الأمد لتقليل الدعم بشكل منتظم وليس استجابة للتغيرات اللحظية في الأسواق.
خطوات الحكومة المصرية في تسعير البنزين ودور التزامات صندوق النقد الدولي
وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، بيّن أن الحكومة استغلت تحسن المؤشرات المالية لتقليل زيادة الأسعار بدلاً من إلغائها تمامًا، وأن مخصصات دعم الطاقة محددة مسبقًا في الميزانية ولا يمكن تجاوزها، لذا أي تحسن يُوظف لتخفيف الأعباء المالية فقط. السياسة الحالية تهدف إلى الوصول إلى تسعير يُعبر عن التكلفة الفعلية تدريجيًا مع مراعاة الظروف الاقتصادية دون العودة إلى دعم الوقود. بدوره، ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أكد أن قرار الزيادة يتوافق مع التزامات مصر أمام صندوق النقد الدولي لتحرير أسعار الطاقة بالكامل بحلول نهاية عام 2025، معتمدًا في التسعير على متوسط الأسعار خلال الأشهر الثلاثة السابقة؛ ما يعني أن أثر انخفاض أسعار النفط مؤخرًا لم يُدرج في تسعير الوقود بعد.
أسباب رفع أسعار البنزين رغم انخفاض النفط | توضيح |
---|---|
ضغوط مالية وهيكلية داخلية | تراكم مديونيات البترول والكهرباء وارتفاع تكلفة الاستيراد |
التزامات دولية | خفض الدعم تدريجيًا بموجب اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي |
تأثيرات الإصلاحات الاقتصادية | تخفيف العبء المالي على الموازنة العامة وتحسين ميزان المدفوعات |
عوامل سوقية | تحرر تدريجي للأسعار وعدم ربطها بالتقلبات الفورية في الأسواق العالمية |
- زيادة دعم الطاقة يثقل الميزانية العامة
- تعتمد تكلفة البنزين في مصر على مكونات مستوردة وأسعار عالمية
- مراقبة تسعير البنزين تكون وفق متوسط الأسعار على مدار أشهر وليس لحظياً
يمثل رفع أسعار البنزين في مصر خطوة اقتصادية ضرورية تتجاوب مع واقع التحديات المالية والهيكلية الراهنة، ولا يمكن فهمها بمعزل عن الالتزامات التي فرضتها الإصلاحات الاقتصادية واتفاقيات التمويل الدولية، كما أن تحسن مؤشرات مثل سعر صرف الجنيه أو انخفاض النفط عالمياً لا يعكس التأثير الفوري على السعر المحلي بسبب طبيعة منظومة التسعير المعتمدة، الأمر الذي يضمن استقرار الاقتصاد الوطني وتقليص الدعم التدريجي للوصول إلى سعر يعكس التكلفة الحقيقية للمنتجات النفطية.