شوف البهجة دي! تلوين البيض في شم النسيم: عادة فرعونية رمز للفرح

تُعتبر عادة تلوين البيض من أبرز المظاهر التي تميز احتفال المصريين بعيد شم النسيم منذ عصور الفراعنة، وتمثل هذه العادة رمزًا للحياة والتجدد بالنسبة للمصريين القدماء، حيث كان البيض مكونًا ذا دلالة مقدسة في الثقافة المصرية القديمة، ومرتبطًا برموز الأمل والخير، واستمرت هذه العادة وتطورت بمرور الزمن لتأخذ أبعادًا ثقافية ودينية واجتماعية متنوعة تم تناقلها عبر الأجيال.

تلوين البيض في شم النسيم: تقليد فرعوني قديم

نشأت عادة تلوين البيض في مصر القديمة حيث ارتبط البيض بمفاهيم الحياة المتجددة، وكان المصريون القدماء يعتمدون طقوسًا رمزية عديدة ضمن احتفالاتهم بشم النسيم، وفقًا للباحث عصام ستاتي الذي ذكر في كتابه أن البيض عُرف باسم “سوحت” باللغة الهيروغليفية، وكان يتم تزيينه بنقوش تُعبر عن الأمنيات والتفاؤل، كما كان يتم وضعه في سلال مصنوعة من سعف النخيل الأخضر، ليتم عرضه في المنازل أو تعليقها على الأشجار، في طقس يمزج بين الرمزية والجمال.

البيض ضمن مائدة شم النسيم كان جزءًا من طقوس مقدسة إلى جانب أطعمة أخرى كالفسيخ، والخس، والبصل، وقد اعتقد المصريون القدماء بهذا اليوم كفصل بين الفصول يمثل التجدد وبدء الحياة مرة أخرى، فتزيين البيض كان يحمل دلالة واضحة على الخير القادم ورغبتهم في حياة مليئة بالبركة، وقد كانت أيضاً ممارسات مثل دقة البيض تعبيراً عمليًا عن الفرح الجماعي بين الناس في ذلك اليوم.

تطور تزيين البيض عبر العصور

تطورت طقوس تزيين البيض في شم النسيم عبر العقود الزمنية المختلفة وتحولت إلى تقليد ثقافي جامع، وقد شهدت مراحل تطورها تغييرات كبرى في الرموز والدلالات المنتشرة، ففي العصر الإسلامي، وعلى إثر معركة المنصورة ضد الصليبيين، تم إحياء تقليد تلوين البيض هذا بارتباط رمزي بالانتصار حيث قيل إن الجنود المصريين الذين انتصروا مروا بأعلام ملونة بألوان مختلفة تركت أثرًا في ثقافة الشعب، ومن ذلك الحين أخذ تلوين البيض رمزية جديدة تحمل الأمل والفرح والانتصار، ومن ثم ظهرت الآراء التي صنفت هذه العادة ضمن موروث شعبي متجدد.

ويتضح أن العادة التي تأصلت منذ الفراعنة اكتسبت معانٍ جديدة، حيث أضاف المصريون في كل فترة رموز تعكس انتصاراتهم وأفراحهم، مما جعل من تزيين البيض نشاطًا يرمز لجميع مظاهر الحياة والبهجة، سواء تاريخيًا أو ثقافيًا أو اجتماعيًا.

أهمية البيض في الاحتفالات العائلية المعاصرة

في العصر الحديث، لا يزال تلوين البيض جزءًا لا يتجزأ من احتفالات شم النسيم، حيث يتم الاحتفاء به وسط أجواء عائلية تجمع أفراد الأسرة، كما باتت هذه العادة تصلح لتكون رمزًا ثقافيًا عابرًا للزمن حيث تشارك العائلات في نشاطات مثل تزيين البيض باستخدام أصباغ وألوان زاهية، وتمثل هذه الممارسة نقطة حيوية تجمع بين الأجيال المختلفة في أجواء تبعث على السعادة والفرح.

لا يقتصر دور تلوين البيض على كونه جزءًا من التراث الشعبي بل يعكس أيضًا عمق الترابط الإنساني بين الماضي والحاضر، فهو يمثل رمزًا للفرح، البداية المتجددة، والتراث الذي يعيد دمج الأفكار القديمة بالمفاهيم الحديثة ليحتفل به الجميع في كل عام من جديد.