صدّق أو لا تصدّق: أورتاغوس تشعل الجدل حول سلاح حزب الله وموقف إيراني صارم

يحتفل المسيحيون اليوم بعيد الفصح المجيد، الذي يجمع الطوائف المسيحية التي تتبع التقويمين الشرقي والغربي على أمل مشترك في نهوض لبنان من أزماته المتلاحقة. يأتي هذا اليوم بروح من التفاؤل الذي ينعكس على المشهد اللبناني العام، في ظل تطلعات بتحقيق إصلاحات سياسية وأمنية تعيد الانتظام لمؤسسات الدولة وتساهم في خلق مناخ أكثر استقراراً.

التحديات السياسية المتعلقة بالسلاح في لبنان

شهدت الأسابيع الأخيرة توترات سياسية متعلقة بسلاح “حزب الله”، حيث أعلن الشيخ نعيم قاسم، أمين عام الحزب، موقفاً حاسماً برفض تسليم السلاح، مما خلق أجواءً من الإحراج للحكومة اللبنانية التي تعيد التأكيد على أهمية حصرية السلاح بيد الدولة. هذه التحديات فاقمت من الانقسام الداخلي وأثارت قلق الأوساط السياسية اللبنانية. جهود الرئاسة والحكومة ضعفت أمام تعنت “حزب الله” بشأن السلاح، مما أدى إلى استمرارية الجدل السياسي حول السيادة الوطنية وآليات حماية لبنان دون الاعتماد على القوى المسلحة غير النظامية.

على الصعيد الدولي، انعكست التوترات محلياً على المشهد الخارجي، حيث أصدرت نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس تصريحات نارية، ما أشعل الجدل مجدداً حول الدعم الأميركي للبنان والسياسات المتصلة بمكافحة الإرهاب والسيادة الوطنية. الدخول الأميركي في محور النقاشات اللبنانية بشأن الاستراتيجية الدفاعية يؤكد الأهمية الكبيرة التي يوليها الغرب لحل الأزمات اللبنانية بموازاة تعزيز الاستقرار.

تصريحات السفير الإيراني وتأثيرها على الملف اللبناني

تعقيباً على الدعوات لنزع سلاح “حزب الله”، أدلى السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني، بتصريحات اتهم فيها الولايات المتحدة بمحاولة تجريد الدول من أسلحتها كجزء من “مؤامرة واضحة”، محذراً من خطر الوقوع في “فخ الأعداء”. وتحمل هذه التصريحات انعكاسات واضحة على المشهد الإقليمي، حيث تعبر عن تخوف إيران من فقدان نفوذها في المنطقة. السفير أكد أن الحفاظ على التوازن العسكري يمثل أساس السيادة الوطنية، مما أثار نقاشات حادة حول دور “حزب الله” كجزء من هذه المعادلة.

أشار أماني إلى تجارب دولية، ملمحاً إلى العراق وليبيا وسوريا باعتبارها دولاً تراجعت استراتيجياً بعد تجريدها من سلاحها، وهو ما يعكس مخاوف متزايدة من تدخلات الدول الكبرى في الشؤون السيادية للدول الشرق أوسطية، في حين يتجدد النقاش الداخلي حول إمكانية التوصل إلى استراتيجية دفاعية جامعة تراعي ضرورات الأمن والاستقرار.

مشهد يعكس تعقيدات الساحة اللبنانية

الأحداث الأخيرة بين التوترات الداخلية والخارجية تؤكد أن المشهد اللبناني لا يزال مُعقّدًا للغاية، مع تصاعد التجاذبات السياسية والتحديات الأمنية. في الوقت الذي يسعى فيه اللبنانيون لتحقيق نهوض اقتصادي وسياسي حقيقي، لا تزال الانقسامات تسيطر، مما يُهدد إمكانية تحقيق أي إصلاح جذري على المدى المنظور. الخلافات الإقليمية والدولية تزيد من تعقيد الأزمة، وتجعل لبنان في قلب الصراع الإقليمي بين المشاريع الكبرى التي تتداخل فيها المصالح المحلية والدولية.

يمكن للبنان أن يكون نموذجاً للاستقرار إذا ما تم التوافق داخلياً على استراتيجية تُعزز السيادة الوطنية وتضمن انفتاح الدولة على المجتمع الدولي. يعكس هذا العيد الروحي رغبة اللبنانيين الصادقة في الوصول إلى مرحلة جديدة من الوحدة والخلاص الوطني برغم الصعوبات.