ارتفاع قياسي في أسعار الشقق خلال عقد.. كيف أثرت السياسات على سوق العقارات؟

سوق العقارات المصرية بعد 2013 شهدت تحولًا جذريًا حيث ازداد الاعتماد على طرح وحدات بأسعار استثمارية تفوق قدرات معظم المواطنين، وأبرز مثال على ذلك ارتفاع سعر الوحدات في مشروع “حكايات التجمع” بالقاهرة الجديدة بنسبة تقارب 400% مقارنة بسعرها عند بداية التخطيط. هذا المشروع الذي كان جزءًا من مبادرة “سكن لكل المصريين” أصبح منتجًا استثماريًا يتم تسويقه بأسعار مرتفعة جدًا، مما أثار صدمة عند المشترين وتسبب في ضعف مبيعات الوحدات.

تأثير طرح وحدات بأسعار استثمارية في مشروع حكايات التجمع

مشروع “حكايات التجمع” الذي بدأ عام 2022 ضمن مبادرة “سكن لكل المصريين” تحول قبل طرحه إلى منتج استثماري، حيث تولت شركة فاوندرز للتسويق العقاري طرح الوحدات بأسعار تراوحت بين 4.5 إلى 6 ملايين جنيه للمتر الواحد بمساحات من 98 إلى 132 مترًا، مع مقدم حجز يبدأ من 100 ألف جنيه، شاملة المصاريف الإدارية ووديعة الصيانة، هذا السعر يقفز بشكل كبير مقارنةً بـ”سكن لكل المصريين 7″ الذي جاء سعر الوحدة فيه 850 ألف جنيه لمساحة 90 مترًا في يونيو 2025. بالرغم من الترويج الكبير، لم تتمكن الشركة من بيع سوى نصف وحدات المرحلة الأولى بسبب الفارق السعري الهائل مع المشاريع الخاصة المجاورة التي تقدم عروضًا أفضل وجودة خدمات ما بعد البيع.

ردود فعل المشترين تجاه ارتفاع أسعار الوحدات الاستثمارية

المشترية المحتملة شيماء عبد العزيز شهدت دهشة كبيرة عند معرفتها بالأسعار الفعلية، فهي توقعت ألا تتجاوز الوحدة مليوني جنيه، لكنها واجهت أسعارًا تعادل ضعف توقعاتها، مما دفعها للبحث عن بدائل سواء نقديًا أو بنظام التقسيط في مشروعات أخرى. هذا التأثر يعكس مدى فجوة الأسعار بين ما يمكن أن يتحمله المواطن العادي وبين ما صارت تقدمه الحكومة من مشاريع سكنية بأسعار استثمارية، الأمر الذي بدأ يصرف الطلب الحقيقي عن السوق.

اتجاه الحكومة نحو رفع الأسعار وتحليل تطور أسعار الوحدات منذ 2013

توجه الحكومة نحو رفع سعر الوحدات في مشروعاتها ليس مجرد حالة مفردة؛ فقد شهدت وحدات مطار إمبابة زيادة كبيرة في سعر المتر من 5 آلاف جنيه قبل 5 سنوات إلى 15 ألف جنيه في 2025، بنسبة ارتفاع بلغت 200%، ويرصد الجدول التالي تطور أسعار المتر ومتوسط سعر الوحدة في المشروعات الحكومية بين 2013 و2025:

السنة المشروع / المنطقة متوسط سعر المتر (جنيه) سعر الشقة (90-130م) ملاحظات
2013 إسكان اجتماعي (مدن جديدة) 1,000 – 1,200 90م ≈ 90 – 110 ألف دعم حكومي مباشر، استهداف محدودي الدخل
2015 إسكان اجتماعي (مرحلة ثانية) 1,400 – 1,800 90م ≈ 130 – 160 ألف زيادة تدريجية بعد تعويم جزئي للجنيه
2017 دار مصر / إسكان متوسط 3,700 – 4,200 120م ≈ 450 – 500 ألف بداية المشروعات الاستثمارية المتوسطة
2019 سكن مصر 5,000 – 5,500 115م ≈ 575 – 630 ألف ارتفاع ملحوظ مع تحرير سعر الصرف 2016
2021 جنة 7,000 – 8,500 130م ≈ 910 ألف – 1.1 مليون استهداف الشريحة العليا من المتوسطي الدخل
2022 “حكايات التجمع” (تخطيط) 4,500 – 5,000 120م ≈ 540 – 600 ألف كان ضمن مبادرة “سكن لكل المصريين”
2023 إسكان فاخر – العاصمة الإدارية 10,000 – 12,000 120م ≈ 1.2 – 1.4 مليون قفزة بسبب الطلب الاستثماري
2025 “حكايات التجمع” (طرح فعلي) 35,000 – 45,000 130م ≈ 6 ملايين زيادة 400% عن مرحلة التخطيط
2025 مطار إمبابة (إعادة الطرح) 15,000 100م ≈ 1.5 مليون زيادة 200% عن سعر 2019

معدل الزيادة في أسعار بعض المشروعات الحكومية منذ 2013 تجاوز 1000% خلال 12 عامًا، حيث تحولت الحكومة من مزود مباشر لسكن محدودي الدخل إلى منافس في السوق العقاري الاستثماري، مما يعني أن المشروعات التي كانت تهدف إلى تحقيق العدالة السكنية لمحدودي الدخل تُطرح اليوم بأسعار تتخطى قدرة 90% من المواطنين، متجهة نحو جني أرباح رأسمالية. يمثل هذا التحول مخاطرة بحدوث ركود في الطلب الحقيقي، وتحول السوق إلى بؤرة لشراء المضاربين والمستثمرين العقاريين، وهو ما يضع علامات استفهام حول مستقبل القدرة على تملك المسكن الملائم للشريحة الأكبر من المجتمع.

  • ارتفاع أسعار الوحدات العقارية الحكومية بشكل غير مسبوق
  • ضعف القدرة الشرائية لمحدودي الدخل نتيجة ارتفاع الأسعار
  • تحول المشاريع الحكومية إلى منتجات استثمارية بدلًا من سكن مدعوم
  • تراجع الإقبال على شراء الوحدات بسبب المنافسة من القطاع الخاص
  • ركز المبيعات بين المستثمرين العقاريين والمضاربين، مما قد يزيد من أزمة السكن