عودة السودانيين وتنفيذ قانون الإيجارات… ماذا يعني ذلك الآن؟

من السهل التنبؤ بمرحلة من عدم اليقين والمناوشات بين الملاك والمستأجرين بسبب تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم، حيث تبدو الأمور معقدة في ظل التطورات الحالية. مع انطلاق القطار الرابع الذي يقل الأشقاء السودانيين في رحلة العودة الطوعية إلى وطنهم، تطلع البعض إلى أن يشهد سوق الإيجارات هبوطًا في الأسعار نتيجة زيادة العرض. وعلى الرغم من أن هذا العشم قد يبدو منطقيًا، إلا أن هناك عوامل أخرى تدحضه، منها أوضاع الأشقاء السودانيين في مصر والتوقيت الذي يتزامن مع تطبيق التعديلات.

الغالب في وضع السودانيين هو أن غالبية المستفيدين من رحلات العودة الطوعية هم من أبناء الطبقات الأقل من المتوسطة، حيث يقيم بعضهم في أوضاع غير شرعية أو في مساكن مشتركة. وعليه، فإن عودتهم الطوعية لا تعني بالضرورة إخلاء المساكن التي عاشوا فيها. في المقابل، فإن القادرين منهم على تأمين تحويلات مالية ثابتة أو مصادر دخل مستقرة، والذين أسسوا حياتهم الاجتماعية من خلال إلحاق أبنائهم بالمدارس والجامعات، سيواجهون صعوبة في اتخاذ قرار مفاجئ للعودة، بسبب حالة عدم اليقين بشأن استقرار الأوضاع في السودان.

لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد السودانيين المقيمين في مصر حاليًا، لكن التقديرات تتراوح بين مليون وأربعة ملايين شخص، حيث يوجد فقط حوالي 25,000 لاجئ سوداني مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. هذه الأرقام تجعل من الصعب تقدير أعداد المغادرين أو الباقين، وينبغي النظر في مدى تأثير هذه العودة على سعر الإيجارات في المناطق التي يوجد فيها عدد أكبر من السودانيين.

مع بدء تطبيق تعديلات قانون الإيجارات القديم، والتي دخلت حيز التنفيذ في بداية هذا الشهر، لوحظ تثبيت أسعار الإيجارات الحديثة بسبب انتظار الملاك لإخلاء الشقق المغلقة وتحويلها إلى نظام الإيجارات الجديد. ومن الجدير بالذكر أن الحكومة تقدر عدد الشقق المغلقة بنظام الإيجار القديم بحوالي 300 ألف شقة، من بين أكثر من 3 ملايين شقة تخضع لهذا النظام.

فيما يتعلق بتوقع آثار هذا القانون، فإن غياب البيانات الدقيقة وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بقدرة الحكومة على توفير البدائل المناسبة من حيث الإسكان، يجعل من الصعب الجزم بأن الأسعار ستنخفض. الجدير بالذكر أن الحكومة وعدت بضمان توفير سكن مناسب للمواطنين، لكن عدم وجود آليات واضحة قد يعني استمرار ارتفاع الإيجارات.

تنبئ الخلفية الحالية بظهور فترة من عدم اليقين والمناوشات بين الملاك والمستأجرين نتيجة التطبيق المؤقت للقانون، الذي حدد قيمة إيجارية مؤقتة تبلغ 250 جنيهًا لحين الانتهاء من عمل لجان تصنيف العقارات. هذه اللجان مُنحت ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لتحديد القيمة الإيجارية الجديدة، أي ما يعادل ستة أشهر كحد أقصى. لكن، القانون لم يحدد كيفية التعامل مع الحالات التي يشعر فيها المواطن بالإجحاف من تقدير اللجنة، مما يعكس نقصًا في الشفافية.

تتفاوت تفاصيل آليات تطبيق القانون، فرغم تأكيد رئيس الوزراء على عدم ذكر “الطرد” في القانون، إلا أنه يفتقر إلى النص حول آلية إخلاء الشقق المغلقة، سواء كانت بحصة الملك أو من خلال حكم قضائي. وبسؤال ما هي المحاكم المختصة بمعالجة هذه القضايا، تظل الإجابات غير واضحة. إن عدم وضوح تفاصيل كهذه يمكن أن يؤثر سلبًا على العلاقة بين الملاك والمستأجرين، مما يستدعي ضرورة التحلي بالحذر.

  • تقدير عدد السودانيين المقيمين في مصر
  • تأثير تعديلات قانون الإيجار القديم على أسعار الإيجار
  • آليات تطبيق القانون والشفافية المطلوبة