المشهد اليمني يحذر: لا للإهانة المزدوجة وتأثيرها على المجتمع

وكالات العمل الإنساني في اليمن تواجه تحديات كبيرة تتعلق باحترام الكرامة الإنسانية عند تصوير أو تسجيل لحظات تسليم المساعدات للمتضررين، خاصة في مجتمع يُعلي مكانة الخصوصية والشرف والقيم الثقافية. يثير نشر هذه الصور أو المقاطع تساؤلات حول مدى التزام هذه الجهات بالمبادئ الإنسانية، وصحيح أن هذه الوكالات تحتاج لعرض نشاطاتها لجذب التمويل، لكن هل يمكن أن يتحقق ذلك دون المساس بكرامة المحتاجين؟

معايير العمل الإنساني واحترام الكرامة في تصوير المحتاجين في اليمن

تلتزم وكالات العمل الإنساني، لا سيما التابعة للأمم المتحدة، بقواعد أساسية مثل الإنسانية، الحياد، وعدم التحيّز، والاستقلالية، كما تحكمها إرشادات دولية صارمة مثل مدونة السلوك للهلال والصليب الأحمر ومبادئ “Sphere” للعمل الإنساني التي تنص على ضرورة الحصول على الموافقة الحرة والمستنيرة قبل التقاط الصور أو تسجيل المقابلات لاستخدامها لاحقًا. ومع ذلك، يبقى السؤال هل يكفي الحصول على موافقة مكتوبة أو ضمنية لاستخدام صور أشخاص في حالة ضعف وحاجة؟ فكيف يمكن لشخص فقد جزءًا من حقوقه وكرامته بسبب الحرب أن يمتلك القوة لرفض التصوير أثناء تلقي المساعدة؟

تُعتبر لحظات تصوير المستفيدين في وضع ضعفهم بالفعل شكلًا من أشكال الإذلال غير المباشر، خصوصًا في ثقافات تُجافي إبراز المعاناة بشكل علني بسبب الخجل أو الإحساس بالمهانة. هذه الصور قد تؤدي إلى ترسيخ صور نمطية سلبية تُظهر المتلقين كضحايا عاجزين فاقدين للكرامة، وهذا من شأنه أن يُكرس تلك الصورة مدى الحياة، خاصة لدى الأطفال الذين لا يملكون خيارهم في ذلك.

التسويق الإنساني والتناغم بين عرض المساعدات واحترام القيم الثقافية

لا يمكن إنكار أن الوكالات الإنسانية بحاجة إلى استخدام الصور ومقاطع الفيديو لعرض أثر مساعداتها، سواء لأغراض الشفافية أو لتحفيز الجهات المانحة على تقديم الدعم المالي اللازم، إذ تُعد الوسائل المرئية من أكثر الأدوات تأثيرًا في تحريك المشاعر وتقديم وجهات نظر حول الواقع الإنساني. لكن هذه العملية قد تتحول إلى منطق تجاري بحت تصبح فيه الحالة الإنسانية مجرد “منتج تسويقي” يُعرض بلا مراعاة لمشاعر الضحايا أو خصوصياتهم.

يلتقي هذا الأسلوب مع انتهاكات مزدوجة؛ إذ تضاف إلى ألم الحرب ومعاناة سكان اليمن، إذ تتحول صورة النازحين والمحتاجين إلى أداة توظيف لصالح مشروعات تسويقية تُظهر بعض الفاعلين وكأنهم في مستوى إنساني أعلى من مجتمعهم، وتُصوّر المتضررين ككائنات عاجزة “همج” أو “متخلفة”، وهو تمييز قائم على قوالب نمطية تعزز الاستعلاء بدلاً من التعاون.

  • الأخلاق والتراحم يجب أن تكونا أساس العمل الإنساني في كل مراحله
  • الحصول على الموافقة وحده غير كافٍ إذا لم ترافقه حساسية للظروف الثقافية والاجتماعية
  • احترام الخصوصية والكرامة مرتبط بفهم بقيمة الشرف والثقافة المحلية

ضرورة المحاسبة وتوثيق الانتهاكات لحماية حقوق المتضررين في اليمن

يقع على عاتق الفاعلين في المجال الإنساني إثبات أن دورهم يتجاوز تقديم المساعدات إلى الالتزام بمبادئ التراحم والاحترام والكرامة، وعدم تحويل الإنسان إلى مجرد موضوع تصوير يمكن ترويجه دون وازع أخلاقي. لا يمكن الاكتفاء بالوعظ أو التنبيه؛ بل يصير من الضروري العمل القانوني الجدي لملاحقة كل من يتسبب بإساءة مضاعفة للضحايا، خصوصًا أن الحرب تركت آثارها على المدنيين بشكل عميق.

على اليمنيين أنفسهم أن يساهموا في توثيق حالات الإهانة والانتهاك التي يتعرضون لها، لأن ذلك يشكل خطوة أساسية قبل يوم تُفتح فيه أبواب المحاسبة والمساءلة القانونية لمرتكبي تلك الانتهاكات. الاحترام الحقيقي للمجتمعات المتضررة يبدأ بالاعتراف الكامل بثقافتها وحمايتها من كل أشكال الإساءة والتهديد لكرامتها.

الجانب التحديات
احترام الخصوصية تعارض بين نشر الصور وحماية القيم الثقافية المحلية
الموافقة على التصوير صعوبة ضمان قوة الرفض لدى الضحايا أثناء الحاجة للمساعدة
التسويق الإنساني خطر تحول الحالات الإنسانية إلى زوايا تسويقية تجارية على حساب الكرامة