دار الإفتاء المصرية تحذر من دعوات المساواة في الميراث وتحولها للنقاش حول نصوص قطعية

المساواة المطلقة في الميراث بين الرجل والمرأة موضوع أثار جدلاً فقهياً واسعاً بين العلماء، خصوصاً بعد تصريحات سعد الهلالي، أستاذ جامعة الأزهر، التي زعم فيها عدم وجود نص قرآني يمنع المساواة بين الذكر والأنثى في الإرث، مستشهداً بتطبيقات في تركيا منذ عام 1937 وبعض ممارسات قانونية جزئية في مصر، الأمر الذي قوبل بردود واضحة من دار الإفتاء المصرية.

تفنيد المساواة المطلقة في الميراث بين الرجل والمرأة وأساسات الفقه الإسلامي

تصريحات سعد الهلالي الداعية إلى المساواة المطلقة في الميراث في المجتمعات الإسلامية اعتُبرت مغالطة فقهيّة جسيمة، حيث أكد على عدم وجود نص قرآني يمنع تلك المساواة، مشيراً إلى تجارب واقعية في بعض البلدان كمبرر لدعوته، وذكر أن هناك حالات أسرية تتقاسم التركة بتراضي دون مراعاة التفريق بين الذكر والأنثى، كما أشار إلى تطبيق القانون المصري رقم 148 لسنة 2019 في الميراث بالتساوي بين الجنسين في موضوع توريث المعاشات. إلا أن دار الإفتاء المصرية رفضت هذه الدعوى رفضاً قاطعاً، مبيّنة أن التبرع الفردي بين الورثة لا يعني إقرار تشريع يلغي أحكام المواريث القطعية، وأن الأحكام الشرعية في الفرائض توقيفية لا تقبل التغيير بالتوافق أو التصويت المجتمعي.

وأضافت دار الإفتاء، أن الدعوة إلى تشريع المساواة الكاملة في الميراث تحت شعار التطوع أو الاستفتاء الشعبي، تُعد محاولة لإلغاء القدسية عن النصوص القطعية، ومحاولة لخلط التصرف الفردي بالتشريع الإلزامي، وهذا خلط لا يستقيم مع قواعد التشريع الإسلامي المعروف. كذلك لم يغفل البيان ما ذكره القرآن الكريم بوضوح في آيات المواريث، حيث قال تعالى: {فريضةً من الله} [النساء: 11]، ففرائض الميراث ليست حقوقاً فردية مجردة يمكن التصرف بها كيفما شاء الإنسان، بل هي أحكام وواجبات واجبة التطبيق.

مغالطة الربط بين التبرع الفردي والمساواة القانونية في الميراث: دراسة فقهية وقانونية

توضيح دار الإفتاء أكد على أن التبرع هو حق شخصي مباح يختلف تماماً عن تغيير فريضة الميراث التي هي حكم شرعي قطعي، إذ أن محاولة ربطهما أو اعتبار التبرع مدخلاً لتغيير فروض الميراث هو قياس فاسد. في هذا الإطار، بيّنت دار الإفتاء أن جواز التبرع لا يعني إمكانية فرض المساواة في الميراث قانونياً، وإلا سيكون الأمر كاقتراح أخذ أموال الأغنياء بالقوة بحجة أنهم قادرون على التبرع، وهذا منطق فاسد يؤدي إلى إلغاء حقوق ثابتة وحماية المال.

كما أوضحت أن التشريع الذي يكرس المساواة المطلقة في الإرث يحول التبرع من خيار شخصي إلى حق قانوني يمكن أن يُقاضى من يرفضه. بالتالي، يصبح الإنسان معرضاً لسلب ماله وملزمًا بما لم يفرضه الله عليه، وهذا يتنافى مع العدالة الشرعية ويخلق ظلالاً من الظلم في المجتمع. الجدير بالذكر أن هذه الفكرة تفتح الباب لما يُسمى الاجتهاد المجتمعي تحت شعار التجديد، والذي في حقيقته مجرد محاولات لنزع الثوابت الشرعية وتغييرها بأفكار مستحدثة.

مخاطر دعوات المساواة المطلقة في الميراث وتأثيرها على المجتمع الشرعي

تتحرك هذه الدعوات، بحسب رأي دار الإفتاء، نحو زعزعة القدسية عن النصوص القطعية، وتحويلها إلى موضوعات نقاش وجدال، مما يهدد استقرار الأسرة ويؤدي إلى إحباط المقاصد الشرعية. ومن تداعيات هذه الفوضى في التأويل والجدال ظهور مخاطر حقيقية على أسس المجتمع، قد تستغلها جماعات تكفيرية للطعن في شرعية المجتمع وتشريعاته، مستغلة الانقسامات الناتجة عن مثل هذه الدعوات.

في مواجهة هذه المحاولات، شددت دار الإفتاء على أن الثوابت الشرعية ليست مجالاً للمناقشة المجتمعية أو التصويت الشعبي، بل هي أحكام قطعية تثبت بنصوص قطعية الدلالة، تشمل كل العلوم الشرعية، ولا يجوز المساس بها تحت أي ذريعة. وأكد البيان أن دعوة المساواة المطلقة في الميراث تحت شعارات مثل التطوع أو الاستفتاء الشعبي ليست سوى ستار لنقض الحكم الشرعي وإسقاط القدسية عن النص، ما يؤدي إلى اضطراب ونهب لحقوق الأمة وأموالها.

  • الثوابت الشرعية في الميراث قطعية لا تخضع للتغيير المجتمعي
  • الفرق الجوهري بين التبرع الفردي والتشريع الإلزامي في الميراث
  • المساواة المطلقة تُهدد استقرار الأسرة وتفتح الباب للفوضى الفقهية
الموضوع الموقف الشرعي
المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى مرفوضة وفقاً للنصوص القطعية
التبرع الفردي بالمال من الميراث مباح بشرط عدم إخلال بالفرائض

وخلصت دار الإفتاء إلى أن هذه المطالبات بما تدّعيه من حقوق مساواة تغير بُنية التشريع الشرعي، وتفرض على المجتمع ما لم تكلفه به الشريعة، وهو نوع من الظلم البين. الإسلام سيبقى ذخراً محفوظاً مهما تكررت الدعوات للتغيير أو اختلطت الشعارات، ويتعين على العلماء أن يظلوا حراساً لثوابت الشريعة، مبدين زيف كل طرح يخالفها أو يقلل من مكانتها.