«حُقَب تاريخية» صاروخ شهاب 3 وتأثير تخصيب الورانيوم على مفاوضات إيران وأمريكا؟

في خضم الصراعات المتصاعدة على الساحة الدولية، يُثير صاروخ “شهاب 3” الباليستي الإيراني إشكالية كبيرة حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني، ويتسبب في فرض تحديات جوهرية تعيق المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة؛ فما الأسباب التي تجعل هذه المنظومة الصاروخية تمثل عائقًا كبيًرا أمام الحلول الدبلوماسية؟ وما الدور الذي تلعبه أجهزة الطرد المركزي في تصعيد الأزمة النووية الإيرانية؟

تأثير صاروخ “شهاب 3” على مستقبل البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات مع أمريكا

يعتبر صاروخ “شهاب 3” أحد أخطر الأسلحة الباليستية في ترسانة إيران، لما يمتاز به من مدى بعيد يُتيح له الوصول إلى أهداف استراتيجية بعيدة المسافة؛ وهذا الأمر يثير قلق واشنطن وحلفائها، وعلى رأسهم إسرائيل، الأمر الذي يدفع الولايات المتحدة للمطالبة ضمن المفاوضات الحالية بتفكيك هذا الصاروخ كجزء لا يتجزأ من أي اتفاق نووي شامل، وهو مطلب ترفضه طهران بشكل قاطع، ما يجعل من صاروخ “شهاب 3” حجر عثرة جوهريًا في مستقبل البرنامج النووي الإيراني ومساعي أمريكا لكبح تطوره.

وبجانب الصواريخ، يبرز ملف أجهزة الطرد المركزي كتحدٍ إضافي، حيث طورت إيران هذه الأجهزة من طراز IR-1 الأساسي إلى طرازات متقدمة مثل IR-4 وIR-8، مما أتاح لتحسين معدلات تخصيب اليورانيوم بشكل ملحوظ، وهو ما يثير قلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ تشير تحليلات المفتشين إلى امتلاك طهران القدرة التقنية على تصنيع قنبلة نووية فعليًا، ما يجعل خطوة البرنامج النووي الإيراني تتسم بحساسية قصوى على صعيد الأمن الدولي.

خلفيات مفاوضات عمان ودور صاروخ “شهاب 3” وتأثير أجهزة الطرد المركزي في ملف إيران النووي

انطلقت المفاوضات بين وفدي إيران والولايات المتحدة في بيت وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، حيث بدأت الجولة الأولى على نحو غير مباشر بواسطة الوساطة العمانية التي تنقلت بين غرفتي الوفدين، قبل أن يعقد وزير الخارجية الإيراني لقاءً منفردًا مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط “ستيف ويتكوف” استمر لأكثر من 45 دقيقة، ما يؤشر إلى حساسية وعمق الملف النووي الإيراني المعقد.

تلعب إسرائيل دورًا محوريًا في هذه المفاوضات عبر التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، فبعد انتهاء الجولة الأولى تلقى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي مكالمة مباشرة من ويتكوف ليُطلع على تفاصيل النقاشات؛ ما يدل على مستوى التعاون الوثيق والمصالح المشتركة في هذا الملف، إلى جانب الضغوط الأوروبية التي تركز على كبح الدعم الإيراني لروسيا في حرب أوكرانيا، حيث تتهم طهران بإمداد موسكو بالصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو عنصر يؤثر بشكل مباشر على الحسابات الجيوسياسية للإدارة الأمريكية وأوروبا.

تتمثل نقاط الخلاف الأساسية في المفاوضات في وجود ثلاثة محاور رئيسية قدمتها واشنطن: البرنامج النووي، محور المقاومة، والصواريخ الباليستية؛ بينما تمسكت إيران بموقف رفع العقوبات والاحتفاظ بحقها السيادي في مواصلة تطوير برنامجها النووي، مما يشكل تعارضًا بين أولويات الطرفين؛ حيث تسعى أمريكا لحماية أمن حلفائها، في مقابل حصول طهران على فرص اقتصادية وسيادية تتناسب مع مصالحها الوطنية.

العراقيل الأمنية وصاروخ “شهاب 3” وتأثير أجهزة الطرد المركزي على فرضيات التحرّك العسكري الأمريكي والإسرائيلي تجاه البرنامج النووي الإيراني

تكشف تصريحات مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تنفيذ أي ضربات عسكرية من قبل أمريكا أو إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية أمر شبه مستحيل، بسبب الحصانات الدفاعية المحيطة والبنية التحتية المنتشرة على نطاق جغرافي واسع؛ هذا الواقع يعزز من موقف طهران التفاوضي، ويجعل خيار الحل العسكري أقل واقعية، لا سيما في ظل استمرار دعم إيران لمحور المقاومة وتزويدها روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية، ما يرفع سقف التعقيد الأمني.

وفق مصادر دبلوماسية، لا تركز المفاوضات الأمريكية فقط على البرنامج النووي، بل تشمل مصالح إسرائيل وأوروبا أيضًا؛ إذ تركز أوروبا على وقف المساعدات العسكرية الإيرانية لموسكو، بينما تضغط إسرائيل لإجبار إيران على التوقف عن دعم فصائل مثل “حزب الله” في لبنان، و”حماس” في غزة، والحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى الميليشيات المسلحة في العراق، في محاولة لتعزيز أمن حدودها وخاصة في المناطق الحدودية الجنوبية لسوريا ولبنان.

يدور الجدل أيضًا حول ما إذا كانت إيران تمتلك قنبلة نووية أم لا، حيث تنفي طهران هذه الاتهامات وتؤكد سلمية برنامجها، لكن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومصادر استخباراتية تؤكد العكس، في حين يرى محللون أن هذا الإنكار قد يكون جزءًا من استراتيجية إيرانية لتخفيف الضغوط الدولية وكسب الوقت في مفاوضات المستقبل.

  • التركيز الأمريكي على تفكيك صاروخ “شهاب 3” كشرط أساسي لاتفاق شامل
  • تطور أجهزة الطرد المركزي وزيادة نسب تخصيب اليورانيوم التي تعزز قدرة إيران النووية
  • التنسيق الأمريكي-الإسرائيلي الأوروبي وموقفهم تجاه دعم إيران العسكري لروسيا ومحور المقاومة
  • العقبات الدفاعية وصعوبة الضربة العسكرية للمنشآت النووية الإيرانية

ناقش الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المفاوضات في عمان من بعيد، دون إصدار تصريحات رسمية، بينما كان مستشاره “ستيف ويتكوف” يواكب مجريات الحوار ويتشارك المعلومات مع الجانب الإسرائيلي، مما يبرز الاهتمام البالغ بالموقف الإيراني وحجم التأثيرات الإقليمية والدولية.

من المتوقع أن تُستأنف جولات المفاوضات في عمان بنفس الآلية الوسيطة، مع إمكانية التباحث بشكل أعمق في القضايا العالقة، خاصة مع إظهار الطرفين مرونة في الجولة الأولى، رغم وجود تحديات صلبة، منها تمسك إيران باستمرار برامجها الصاروخية ورفضها لأي إشراف خارجي على منشآتها النووية.

العقبة التأثير على المفاوضات
صاروخ “شهاب 3” يعوق التوصل لاتفاق نووي شامل بسبب مطالبة أمريكا بتفكيكه ورفض إيران
تطور أجهزة الطرد المركزي يعزز قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم وزيادة قدرتها النووية
الدفاعات والمعسكرات المنتشرة تقلل فرص الضربة العسكرية الأمريكية/الإسرائيلية للمنشآت النووية
دعم روسيا ومحور المقاومة يشكل ضغطًا أوروبيًا وإسرائيليًا يؤثر على صيغة الاتفاق

يبقى مستقبل الملف النووي الإيراني مرتبطًا بمدى قدرة الأطراف المعنية على تجاوز خلافات صاروخ “شهاب 3” وأجهزة الطرد المركزي، واستيعاب مطالب كل جهة ضمن حل دبلوماسي يوازن بين الأمن الإقليمي والاحتياجات السيادية الإيرانية، وبينما تتصاعد المخاوف، تظل فرص نجاح المفاوضات رهينة بمرونة الطرفين، لكنها تفتح آفاقًا محتملة لتغيير مسار المنطقة نحو استقرار هش.