«حدود مستقبلية» أرز ينمو في الفضاء اكتشاف يغير مستقبل الأمن الغذائي العالمي

نبتة أرز صغيرة للنمو في الفضاء وتتحمل ظروف الأرض القاسية تم تطويرها في إيطاليا لتكون مثالاً حيًا على تطور الزراعة الفضائية التي تسعى لتأمين الغذاء سواء في الفضاء أو على كوكب الأرض، خصوصاً في المناطق التي تعاني من قسوة المناخ وتحديات الزراعة التقليدية. تعاونت وكالة الفضاء الإيطالية مع عدد من الجامعات لإنتاج أرز قزم غني بالبروتين باستخدام تقنيات التحرير الجيني، مما يجعل هذا الابتكار من أهم إنجازات “الثورة الزراعية الفضائية” التي تفتح آفاقاً جديدة لكل من الأمن الغذائي والبحث العلمي العالمي.

التحديات التي تواجه نبتة أرز صغيرة للنمو في الفضاء وتتحمل ظروف الأرض القاسية

تكمن أصعب التحديات في زراعة نباتات داخل بيئات ضيقة كالمركبات الفضائية أو القباب القمرية، حيث تكون المساحات شحيحة للغاية، وهو ما يجعل كل سنتيمتر مكعب ثمينًا ويستلزم الابتكار. على الرغم من وجود أنواع أرز قزم، إلا أن حجمها لا يزال أكبر من المساحات المخصصة للزراعة داخل تلك البيئات. لذلك، لجأ الباحثون لاستخدام تقنيات متقدمة مثل تحرير الجينات عبر “كريسبر-كاس” لتعديل صفات الأرز بحيث يصبح شبه قزم ومكثف البروتين دون التأثير على جودة الحبوب أو قدرة النبتة على النمو، من خلال التحكم في نسب النشويات والهرمونات النباتية مثل الجبرلين المسؤولة عن طول الساق وتوجيه النمو بدقة متناهية.

هذا الإنجاز يمثل تقدماً علمياً كبيراً يعكس قدرة علم الوراثة على تخطي الحواجز البيئية؛ سواء تلك الموجودة في الفضاء ذي الجاذبية الصغرى أو في المناطق الصحراوية والمدن المكتظة على الأرض، حيث الظروف صعبة وتحديات الزراعة كثيرة.

كيف نجحت تجربة نبتة أرز صغيرة للنمو في الفضاء وتتحمل ظروف الأرض القاسية؟

نجاح هذه التجربة يعود لتكامل الأبحاث بين عدة مؤسسات إيطالية، فقد عمل فريق في ميلانو على استنبات سلالات نادرة من الأرز تمتاز بالصلابة وسرعة النمو، بينما ركز علماء جامعة روما على دراسة الجينات التي تتحكم في بنية النبتة وكيفية استغلالها للضوء وتحويله إلى طاقة، مما يعزز نموها تحت ظروف غير اعتيادية. في الوقت نفسه، طبقت جامعة نابولي تجارب لمحاكاة انعدام الجاذبية عبر تدوير الشتلات، ما مكن الباحثين من فهم الاستجابات الجسمية للنبتة في الفضاء.

يتجلى الهدف العلمي في تحسين نسبة البروتين داخل الحبوب وتكييف النبتة لوضع لا يتبع قواعد “الأعلى” و”الأسفل”، كما هو الحال في الفضاء، الأمر الذي يعيد صياغة قواعد الزراعة التي ألفناها، ويمثل خطوة جريئة نحو تحقيق اكتفاء ذاتي زراعي مستدام للإنسانية.

انعكاسات نبتة أرز صغيرة للنمو في الفضاء وتتحمل ظروف الأرض القاسية على الأمن الغذائي الأرضي

إن تأثير هذه التجربة يمتد من الفضاء ليصل إلى المناطق الأرضية التي تواجه صعوبات عدة في الزراعة، مثل الأراضي الصحراوية والجبلية، إضافة إلى المدن التي تعاني من الازدحام والتلوث. فالزراعة داخل قباب بلاستيكية صغيرة لنبتة أرز صغيرة وقوية القيمة الغذائية تقدم حلاً عملياً للتغذية المستدامة، حيث يمكنها توفير البروتين دون الحاجة لمساحات كبيرة أو موارد مائية وفيرة، وبالتالي تقليل الاعتماد على البروتين الحيواني وتحقيق أنظمة غذائية أكثر مرونة واستدامة.

• زراعة الأرز داخل مساحات محدودة بفعالية
• زيادة محتوى البروتين ليغطي احتياجات غذائية حيوية
• تمكين إنتاج الغذاء في البيئات القاسية مثل الصحارى والمدن المكتظة
• تقليل العبء على الموارد الطبيعية وتخفيف آثار التغير المناخي

عندما يتخيل المرء أن هذا الحل يمكن أن يتم في مساحة لا تتجاوز حجم كف اليد، تبرز الإمكانيات لمستقبل زراعي يدمج بين الابتكار الفضائي والحلول الأرضية المستدامة.

هذا المشروع الذي حظي بإشادات في مؤتمر الجمعية الأوروبية لعلوم الأحياء التجريبية منتصف 2025، وأدت نتائجه إلى تقديم طلبات براءات اختراع، يشير بقوة إلى قرب بدء استخدامها تجارياً لخدمة حاجات الغذاء العالمية، ولتدعيم الأمن الغذائي في أماكن لا تتوفر فيها الإمكانيات التقليدية.

هل يمكن لهذه “الثورة الزراعية الفضائية” أن تعيد تشكيل مستقبل الغذاء؟ مع هذه التطورات، يبدو أن الإجابة ليست بعيدة، وأن الزراعة الذكية والمتكاملة بين الأرض والفضاء قد تصبح جزءاً أساسياً من حياتنا في السنوات القادمة