«أسرار خفية» الصدمات النفسية عبر الأجيال وكيف تؤثر على اللاجئين السوريين

الصدمات النفسية المترتبة على العنف وتأثيرها الوراثي عبر الأجيال أصبحت محور اهتمام علمي متزايد بعد كشف باحثين عن وجود “بصمات فوق جينية” في الحمض النووي للاجئين السوريين، تدل على أن هذه الصدمات قد تُورَّث من جيل إلى آخر، ما يفتح آفاقًا جديدة في فهم الآثار البيولوجية لهذه الصدمات النفسية وتأثيرها العميق على الأجيال القادمة.

الصدمات النفسية المترتبة على العنف وتأثيرها الوراثي: ماذا كشف البحث؟

ركزت الدراسة العلمية التي أجريت على عائلات سورية تعرضت لصدمات نفسية كبيرة نتيجة العنف في فترات مختلفة، منها الثمانينيات وما بعد عام 2011، على تحليل “العلامات فوق الجينية” في الحمض النووي، وهي تعديلات كيميائية تؤثر في نشاط الجينات دون تغيير تركيبها الجيني الأصلي؛ وقارن الباحثون عينات من 10 عائلات تعرض أفرادها للعنف مع عينات من 16 عائلة أخرى لم تتعرض لمثل هذه الأحداث، ليلاحظوا أن الأشخاص الذين تحملوا الصدمات النفسية مباشرة أو من خلال الأجيال اللاحقة، يمتلكون علامات فوق جينية مميزة في الحمض النووي، ما يدعم فرضية انتقال الصدمات النفسية المترتبة على العنف بين الأجيال المختلفة.

تفسير أعمق للآثار البيولوجية للصدمات النفسية المترتبة على العنف عبر الأجيال

تعكس نتائج هذه الدراسة الطفرات الحديثة في مجال علم الوراثة فوق الجينية؛ إذ يؤكد العلماء على قدرة الصدمات النفسية المترتبة على العنف على ترك بصمات بيولوجية تتعدى تأثيرها على الفرد المصاب لتصل إلى أبنائه وأحفاده، ويقول الباحثون، ومنهم الدكتورة رنا الدجاني، إن هذه النتائج تمثل خطوة نوعية لفهم آلية انتقال الصدمات النفسية المترتبة على العنف وراثيًا، وهذا يعد نقلة مهمة في علوم البيولوجيا النفسية، حيث تساعد في التعمق بفهم كيف يمكن لتجارب الماضي أن تؤثر على جينات الأجيال القادمة.

الصدمات النفسية المترتبة على العنف: تحديات البحث والانتقادات العلمية الحالية

رغم أهمية نتائج الدراسة التي تسلط الضوء على انتقال الصدمات النفسية المترتبة على العنف عبر الأجيال، إلا أن بعض العلماء مثل رايتشل يهودا من جامعة ماونت سايناي أبدوا تحفظهم على استنتاجات مبكرة، مؤكدين أن التوصل إلى استنتاجات قاطعة حول تأثير هذه العلامات فوق الجينية على الصحة والسلوك لا يزال يحتاج إلى المزيد من الأدلة التجريبية؛ ورغم ذلك، يعترف هؤلاء العلماء بقيمة الدراسة وأهميتها العلمية، معتبرين إياها خطوة أولى في فتح أفق بحثي جديد لفهم الأبعاد البيولوجية للطريقة التي تؤثر بها الصدمات النفسية المترتبة على العنف على الأجيال المقبلة.

  • التركيز على العائلات المتضررة من العنف المباشر أو غير المباشر
  • تحليل العلامات فوق الجينية في الحمض النووي بدقة
  • مقارنة نتائج الحمض النووي للعائلات المتضررة مع غير المتضررة
  • فحص إمكانية وراثة هذه العلامات وتأثيرها على الصحة النفسية
فئة العائلات عدد العائلات المشاركة
تعرضت للعنف 10 عائلات
لم تتعرض للعنف 16 عائلة

مستقبل أبحاث انتقال الصدمات النفسية المترتبة على العنف عبر الأجيال

تعتزم الباحثة رنا الدجاني توسيع نطاق الدراسة لتشمل دراسة البصمات فوق الجينية المتعلقة بالصدمات النفسية في حالات فلسطينية، سعياً إلى تشكيل رؤية أشمل حول توريث الصدمات النفسية المترتبة على العنف وتأثيرها عبر الأجيال؛ وفي الوقت ذاته، يشدد العلماء على ضرورة إجراء أبحاث إضافية تركز على التمييز بين التأثيرات الوراثية والبئية، لفهم هل هذه البصمات فوق الجينية قابلة للتوريث بشكل فعلي أم أن العوامل البيئية تساهم بشكل رئيسي في ظهور هذه التأثيرات، مما يجعل هذه الدراسات محورية لتطوير استراتيجيات تدخل علاجية ودعم نفسي متخصصة للأجيال القادمة المتأثرة.