«فرص مميزة» قناة السويس ما سبب مطالبة ترامب بالسماح للسفن الأمريكية بالمرور مجانًا

قناة السويس تمثل شريانًا حيويًا يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، وتاريخها يمتد لقرون طويلة قبل ظهور فكرة شق القناة كما نعرفها اليوم، الأمر الذي يثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن السبب في وجود هذه القناة الاستراتيجية، بل إن جذور فكرتها تعود إلى العصور الفرعونية القديمة والتي شهدت أوائل محاولات الربط بين البحرين عبر مياه النيل وفروعه.

تاريخ قناة السويس منذ الفكرة الأولى وحتى شقها الحديث

بدأت فكرة ربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عبر مجرى مائي يعود إلى عهد الفرعون سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشرة، الذي سعى لتسهيل التجارة وربط القارات، حيث كانت السفن تمضي عبر نهر النيل إلى منطقة البحيرات المرة، المرتبطة آنذاك بالبحر الأحمر، ولا تزال آثار هذه القناة القديمة ظاهرة حتى الآن بمنطقة جنيفة قرب السويس، وخلال عصور لاحقة قام الفرعون نخاو الثاني بإعادة شق القناة في عام 610 قبل الميلاد، وقد نجح فقط في ربط النيل بالبحيرات المرة، فيما قاد دارا الأول ملك الفرس جهودًا مماثلة في 510 قبل الميلاد وتمكن من إنشاء قنوات صغيرة تصل في موسم الفيضان فقط، إلا أن التاريخ الفعلي لقناة السويس بالشكل الحالي بدأ مع فرمان الامتياز الأول عام 1854 الذي منح فرديناند ديليسبس حق شق القناة.

دور فرمانات الامتياز وتأسيس الشركة العالمية لقناة السويس وتأثيرها على القناة

أصدر الخديوي محمد سعيد فرمان الامتياز الأول الذي نص على إنشاء شركة خاصة لشق قناة السويس وأشار إلى مشاركة الحكومة المصرية بإدارة الشركة وأرباحها، كما تضمن الفرمان اتفاقًا على وضع رسوم مرور متساوية دون تمييز بين الدول، بعد ذلك صدر فرمان الامتياز الثاني في 1856 لتوضيح المزيد من الأحكام التي أكدت قانون الحياد الدائم للقناة كممر مفتوح لكل السفن التجارية باستمرار، وفي 15 ديسمبر 1858 تأسست الشركة العالمية لقناة السويس برأسمال هائل ضم مساهمات من دول عدة وإن كانت مصر الأكبر بالمجموعات الأسهم، وقد بدأت أعمال الحفر في 25 أبريل 1859 رغم اعتراضات إنجلترا ورفض بعض الدول المشاركة في الاكتتاب، وبفضل الجهود والتضحيات انتهت أعمال الحفر في 18 أغسطس 1869 ليتم الافتتاح الرسمي بعد ثلاثة أشهر في 17 نوفمبر 1869 بحفل ضخم حضره كبار الزعماء والشخصيات العالمية.

تطور قناة السويس بعد افتتاحها وإلى تأميمها وتحديثاتها الحديثة

خلال المرحلة التي تلت الافتتاح وحتى تأميم القناة في 1956، شهدت قناة السويس تطورات كبيرة، حيث حدثت زيادة في عمق القناة وعرضها مع تنفيذ برامج تطويرية متلاحقة عززت من قدراتها لاستيعاب سفن أكبر وحمولات أثقل، وكذلك تم السماح بالملاحة الليلية بدءًا من عام 1887، واستمرت الشركة العالمية في تحديث المجرى الملاحي، وزادت عمق القناة من 7.5 أمتار إلى 13.5 مترًا، واتسع القطاع المائي من 304 أمتار مربعة إلى نحو 1250 مترًا مربعًا، مما سمح لسفن غاطسها يصل إلى 35 قدمًا بالعبور، ومع تطور سفن الحاويات وزيادة أحجامها بُذلت جهود لتحسين القناة إلى مستوى يسمح بعبور سفن ضخمة تحمل حوالي 17000 حاوية حتى عام 2010، وبالرغم من النفوذ الأوروبي في مراحل سابقة وشراء الأسهم، أقدم جمال عبد الناصر على قرار تأميم القناة في يوليو 1956 ليكون هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ القناة وإدارتها الوطنية.

• فرمان الامتياز الأول والثاني وضعا القواعد الأساسية لإدارة القناة
• تأسيس الشركة العالمية وأسس التمويل والمشاركة بين الدول
• الافتتاح الرسمي للقناة في 17 نوفمبر 1869 بحفل عالمي
• توسعات وتحسينات دورية ساعدت القناة على مواكبة التطور الصناعي والبحري
• قرار تأميم القناة في 1956 الذي عزز السيطرة الوطنية عليها

بهذا المشوار التاريخي، يتضح أن مشروع قناة السويس لم يكن وليد الولايات المتحدة الأمريكية كما زعم البعض، بل هو نتاج تاريخ طويل من الأفكار والمحاولات لبناء ممر ملاحي بمقاييس عالمية مرت عبر أحقاب مختلفة من الزمن وتحت تأثير سياسي وتمويلي متعدد الأطراف.