«تأثير قوي» كأس العالم للأندية هل يبرز قوة أو ضعف أي دوري كرة قدم

الدوري السعودي يتصدر اهتمام كثير من عشاق كرة القدم بعد الأداء اللافت الذي قدمه الهلال في كأس العالم للأندية، حيث أثار تساؤلات عديدة حول قوة الدوري بالمقارنة مع أبرز الدوريات العالمية، خاصة بعد مواجهة الهلال الناجحة ضد مانشستر سيتي الإنجليزي، ومن ثم وداع البطولة على يد فلومينينسي البرازيلي، مما دفع الباحثين لإجراء دراسات تحلل جودة الأندية ومستوى التنافس داخل الدوريات المختلفة

كيف يعكس الدوري السعودي التفاوت في الجودة بين الأندية المشاركة في كأس العالم للأندية؟

الدوري السعودي ظهر في دراسة أجرتها مؤسسة توينتي فيرست المختصة بالذكاء الاصطناعي الرياضية التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، ليكون من بين أكثر الدوريات تفاوتًا في مستوى الأندية، حيث يظهر ارتفاع الانحراف المعياري بين الفرق، ويرجع هذا لسيطرة أندية معينة مثل الهلال والاتحاد والنصر والأهلي على نسبة كبيرة من الإنفاق، مما يجعل الفجوة كبيرة بينها وبين باقي الفرق في الدوري المحلي؛ هذه الفكرة تشير إلى أن قوة نجم الدوري لا تعني بالضرورة جودة الدوري بشكل عام، وهي نقطة مهمة لفهم التنافسية السعودية مقارنة بالدوريات العالمية الأخرى

تُظهِر الدراسة كيف تتوزع قوة الأندية في الدوري السعودي عبر تصنيفات عالمية، حيث يُصنف الهلال في المركز 132 بين الأندية على مستوى العالم، ويقع بين أندية مثل يونيون برلين ولاس بالماس، بينما تقبع فرق أخرى مثل العروبة في مراكز بعيدة جدًا، إذ يصل الفارق إلى أكثر من 2150 مركزًا بين ثاني ترتيب الدوري السعودي والأندية الأدنى، وهذا يعزز فكرة التباين الكبير داخل الدوري نفسه

مقارنة بين الدوري السعودي والدوريات العالمية من حيث التنافس والقوة

من خلال المقارنات التي أجريت باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وُجد أن الدوري السعودي يتفوق بعدد الأندية ذات القوة العالية على بعض الدوريات، لكنه يعاني من تفاوت هائل في جودة الفرق، خصوصًا عندما نضعه مقابل:

• الدوري البرازيلي الممتاز، الذي يُصنف كسادس أقوى دوري عالميًا ويظهر تنافسية متوازنة بين فرق الدرجة الأولى
• الدوري الأمريكي، والذي يتميز بأقل انحراف معياري ويعكس تنافسية متقاربة بسبب نظام سقف الرواتب
• الدوريات الأوروبية الكبرى مثل الإنجليزي، الإسباني، الإيطالي، والألماني، التي يظهر فيها تجمع واضح لفرق القوة في صدارة المنافسات

توضح البيانات أن ترابط وجودة الدوري لا تعتمد فقط على قوة الفرق الأعلى تصنيفًا، بل على التوزيع المتماسك لقدرات الأندية داخل المنافسة، وهو ما يفتقده الدوري السعودي نتيجة الفجوة الكبيرة في المستوى بين الأندية

تحليل بصري لقوة الدوريات عبر تصنيفات الأندية المشاركة في كأس العالم للأندية

توضح الدراسة من خلال مخطط بياني نقاط قوة الفرق في عدة دوريات شاركت في كأس العالم للأندية، وتم استخدام نظام الألوان لتصنيفات الأندية:

يتبين من الجدول أن الدوري البرازيلي والأمريكي يتمتعان بتوزيع نقاط قوة متقاربة بين أنديتهما، ما يمنحهما توازنًا مميزاً، في حين الدوري السعودي يعاني من فجوة واضحة بين الفرق الأعلى والأدنى، رغم نجاح بعض الأندية كالهلال على مستوى المنافسات الدولية

تقدم الدراسة كذلك توضيحًا حول أن مستوى التنافس ليس فقط بمقدار نقاط القوة المطلقة لأي فريق، بل بانخفاض الفوارق بينها داخل الفريق نفسه، وهذا ما يفسر كيف يمكن للدوري السعودي أن يظهر قوته في وجود نادٍ أو اثنين متحفزين، بينما تظل المنافسة أقل اتزانًا وأصعب في تعميق الحosiّة بين الفرق

تجارب أندية مثل الهلال في المرحلة العالمية تنير فصل جديد في النقاش حول جودة الدوريات العربية، خصوصًا عندما تواجه فرقًا أوروبية أو أمريكية، فالنتائج ليست دائمًا تعكس صورة دقيقة لقوة الدوري بكامله، بل هي مؤشر على تميز فرق معينة فقط أو استثماراتها الكبيرة؛ وهذا يفتح الطريق لتقييم أكثر تفصيلًا لجودة البطولات المحلية

يبقى السؤال المعقد حول مدى قدرة الدوري السعودي على بناء قاعدة تنافسية متزايدة تشمل عددًا أكبر من الفرق وليس عددًا قليلًا فقط، وهذا تاريخيًا في كرة القدم هو سر الاحترافية الحقيقية والنمو المستدام؛ فحسب الدراسة، الاندماج الفعلي بين أندية القمة والقاعدة هو مفتاح تحويل الدوري من مجرد منصة لعب لفريق واحد أو اثنين إلى دوري متكامل ومواكب للدوريات الكبرى

المنافسة الحقيقية تعني توزيعًا أكثر توازناً في القوة التنافسية بين الفرق، وتماسكًا داخليًا يجعل كل مباراة مثيرة وقابلة للتنبؤ بأقل قدر ممكن من الفوارق الهائلة، ولهذا ينظر الخبراء بإيجابية إلى نموذج الدوري الأمريكي والبرازيلي كمرجعية، حيث القدرة على فرض سقف للرواتب أو سياسات مالية تخلق مناخًا تنافسيًا صحيًا، بعيدًا عن تركيز المصروفات في أندية قليلة فقط

وهكذا تتضح أهمية تحليل جودة الدوريات في سياق كأس العالم للأندية، والتي تلعب دورًا مرآة لقياس حقيقي لنقاط القوة والتفاوت الحاصل، وتدفع تلك الدراسات الأندية والمحترفين إلى تبني استراتيجيات أفضل للبناء والتطوير

المشاركة القوية للهلال وحضور الفرق البرازيلية بوضح أن المنافسة العالمية تتطلب أكثر من مجرد عدد مباريات أو إنجازات فردية، بل تتعلق بالجودة الشاملة والتوزيع الصحيح للنقاط التنافسية بين كافة فرق الدوري سواء في السعودية أو خارجها