«تغير مثير» درجات حرارة مرتفعة في السودان كيف تؤثر على حياة المواطنين الآن

بورتسودان تعيش هذه الأيام بأنفاس متقطعة بسبب ارتفاع درجات الحرارة القاسية التي وصلت إلى أكثر من 47 درجة مئوية، ما دفع الشاب محمد عمر لخفض ساعات عمله وتجنب أشعة الشمس المباشرة قدر الإمكان، إذ اضطر للنزوح والعمل تحت ظلال الأشجار لمواجهة موجة الحرارة والرياح المحملة بالغبار التي أثّرت على حركة الناس وحياتهم اليومية بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي.

بورتسودان بأنفاس متقطعة وظواهر مناخية متطرفة تزداد تكرارها

تشهد بورتسودان في الآونة الأخيرة تغيرات مناخية حادة تتكرر كل فترة قصيرة حسب نتائج دراسة حديثة قام بها علماء من كلية “إمبريال الجامعية” في الخرطوم، الذين أكدوا تعرض السودان لظواهر مناخية متطرفة كل ثلاث سنوات تقريبًا، ما يُضاف إلى معاناة مدن مثل بورتسودان التي تواجه التقلبات الحادة بين موجات حرارة شديدة ورياح غبارية قوية

الدكتور أبو القاسم موسى إبراهيم، رئيس وحدة الإنذار المبكر في الهيئة العامة للأرصاد الجوية السودانية، يوضح أن السبب الرئيسي لطقس بورتسودان المتقلب يعود إلى حركة الفاصل المداري الذي يمثل الحد الفاصل بين الرياح الشمالية الجافة والرياح الجنوبية الرطبة في المنطقة؛ حيث تتصارع أنظمة الضغط من الشمال والجنوب على المنطقة مما يُحدث حالة من التأرجح في الطقس

ينتج هذا الصراع بين الكتلتين الهوائيتين رياحًا غير معتادة في هذه البيئة الصحراوية، محمّلة بالغبار والأتربة التي تحد من وضوح الرؤية وتعمق شعور المواطنين بصعوبة التنقل والعمل خلال النهار، كما أشار أبو القاسم إلى أن الفاصل المداري وصل هذه المرة إلى شمال بورتسودان بشكل غير معتاد متزامنًا مع موجة حرارة شديدة، وهذا يعكس تأثيرات التغير المناخي التي تؤدي إلى زيادة الظواهر المتطرفة في طول وفصل السنة

إذا نظرنا إلى التقلبات المناخية المتوقعة فإنها ستظل سمة رئيسية في بورتسودان حيث قد تهدأ الأتربة لفترات قصيرة ثم تعود مرة أخرى، مع توقع هطول أمطار في مناطق جنوب ولاية البحر الأحمر خلال الأشهر غير التقليدية كالتي شهدتها في شهري يونيو وسبتمبر بدلاً من الشهور الشتوية المعتادة سابقًا؛ ما يوفر مؤشرات على تغير دقيق في أنماط المناخ والطقس في المنطقة

كيف تؤثر بورتسودان بأنفاس متقطعة على الحياة اليومية؟

ارتفاع درجات الحرارة المصحوب برياح ملتوية محملة بالغبار يفرض تحديات كبيرة على السكان الذين أصبحوا مضطرين لتعديل نمط حياتهم اليومية، كما حدث مع محمد عمر الذي اضطر لتخفيض ساعات عمله لينتقل بين فترة الصباح المبكر وبعد الظهيرة لتجنب أشعة الشمس القوية، وهذا الواقع أثر على النشاط الاقتصادي والاجتماعي في المدينة بشكل ملحوظ

الطقس المتقلب لم يؤثر فقط على العمال، بل أثر أيضا على وسائل النقل العامة والخاصة، حيث أُعلن عن تعليق الرحلات الجوية في مطار بورتسودان مؤقتًا بسبب سوء الأحوال الجوية حفاظًا على سلامة الركاب، فيما تنصح إدارة المرور مستخدمي الطرق بتخفيض السرعة واستخدام الإضاءة الأمامية في ظروف الرؤية المنخفضة الناتجة عن العواصف الرملية والغبار

  • تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال فترات الذروة
  • زيادة استخدام وسائل الحماية الشخصية مثل القبعات والنظارات الشمسية
  • تنظيم ساعات العمل لتفادي الفترات الأكثر حرارة
  • الالتزام بإرشادات المرور خلال العواصف الرملية لتأمين سلامة الطرق

خطط واستعدادات لمواجهة بورتسودان بأنفاس متقطعة وتقلبات الطقس

نظراً للمخاطر الصحية والبيئية التي ترافق هذه الظواهر المناخية، تولت الجهات الرسمية في ولاية البحر الأحمر اتخاذ خطوات وقائية، حيث ناشدت إدارة المرور السائقين توخي الحيطة والحذر لتقليل الحوادث الناجمة عن سوء الرؤية بسبب الغبار، كما قامت وزارة الصحة السودانية بإطلاق خطط استباقية لمواجهة آثار موجات الحرارة الشديدة

ليلى حمد النيل، مديرة إدارة الطوارئ الصحية والأوبئة، أكدت وصول ثلاث حالات مصابة بضربات الشمس تلقين العلاج حتى الآن، مع احتمال وجود المزيد من الحالات التي لم تصل للمستشفيات، وكانت الوزارة قد بدأت منذ أسبوعين تدريب الفرق الطبية وتجهيز المستشفيات بأدوية ومخفضات حرارة، وقامت بتعيين نقاط معالجة متخصصة في بورتسودان والولايات المتأثرة بارتفاع درجات الحرارة

فيما يلي جدول يُوضح الخطوات المتخذة والإجراءات المتبعة لمواجهة موجات الحرارة والأتربة في بورتسودان:

الإجراءالتفصيل
توعية الجمهورحملات إعلامية ونصائح للحماية من حرارة الشمس والغبار
تدريب الفرق الطبيةتأهيل الفرق على التعامل مع ضربات الشمس والإجهاد الحراري
تجهيز المستشفياتتوفير أدوية ومخفّضات حرارة وأجهزة طبية مناسبة
خدمات الإسعافتجهيز سيارات إسعاف لنقل الحالات الطارئة بسرعة
إنذارات جويةإصدار تنبيهات مستمرة للمواطنين عن حالة الطقس المتقلب

يعكس هذا التضامن بين الجهات المختلفة حرص السودان على التكيف مع ظواهر مناخية متدهورة مستمرة في التزايد ولاسيما في المناطق الساحلية كمدينة بورتسودان، حيث تتطلب الظواهر المناخية المتطرفة حلولاً أكثر استدامة وتخطيطاً يتماشى مع تنبؤات العلماء بالتغيرات القادمة التي قد تزداد حدتها

الاستعداد والتحضير لمثل هذه الظروف يساعدان على تخفيف أثرها السلبي على صحة الناس وحياتهم اليومية، مما يفرض على المواطنين والجهاز الحكومي الوقوف جنبًا إلى جنب لمواجهة تحديات بورتسودان بأنفاس متقطعة والحد من تأثيراتها على مختلف مناحي الحياة.