«رد قوي» الجيش السوداني ينفي اتهامات أبو ظبي بشأن تهريب اسلحة إليه بشكل رسمي

تهريب الأسلحة والذخائر إلى السودان أثار جدلًا واسعًا بعد إعلان أبوظبي إحباط عملية ضخمة بهدف تمرير شحنة كبيرة من الأسلحة للقوات المسلحة السودانية، الأمر الذي رفضته الخرطوم ووصفت الاتهامات الإماراتية بالغريبة والمضحكة، مؤكدة سيادة السودان وحقها في تعاملها مع أي جهات تراها مناسبة للحصول على الدعم العسكري والحماية لأمنها القومي، في هذا السياق تتشابك الروايات والتحقيقات بين الطرفين في مشهد معقد من الاتهامات والتفنيد.

اتهامات تهريب الأسلحة والذخائر إلى السودان: رؤية الخرطوم غير المقبولة

لم تبد الخرطوم قبولًا للاتهامات الإماراتية المتعلقة بتهريب الأسلحة والذخائر، فقد صرح العميد نبيل عبد الله، المتحدث باسم الجيش السوداني، إلى وكالة سبوتنيك الروسية أنها اتهامات بلا أساس وواعدة بسلسلة من التناقضات المضحكة والغريبة في آنٍ واحد، مشددًا على أن السودان دولة ذات سيادة كاملة لها الحق في اقتناء الأسلحة من أي جهة ترى أنها الأنسب، مشيرًا إلى أن تعاملات السودان كسائر دول العالم تتم وفق مصالحها الوطنية وبما يخدم استقرارها وأمنها دون الحاجة لتبرير.

تفاصيل إحباط تهريب الأسلحة والذخائر إلى السودان حسب الرواية الإماراتية

وفقًا للتقارير الأمنية الصادرة عن دولة الإمارات، تم إحباط محاولة لتهريب حوالي خمسة ملايين طلقة ذخيرة عسكرية من عيار 7.62×54.7 المخصصة لبنادق “جيرانوف” المشهورة، وقد تمّ إخفاء هذه الشحنة داخل طائرة خاصة هبطت في أحد مطارات الإمارات، وأرفقت الشحنة بتصريح رسمي يزعم حملها لأدوات طبية، هذا وقد تمكنت النيابة العامة الإماراتية من ضبط متهمين في العملية داخل فندق، مع ضبط مبالغ مالية يُشتبه بأنها مرتبطة بالصفقة التي جرى التخطيط لها، مما أكد وجود خلية نشطة في مجال الاتجار غير المشروع بالأسلحة.

التهديدات الأمنية وخفايا شبكة تهريب الأسلحة والذخائر إلى السودان

بالرغم من نفي الخرطوم، كشفت التحقيقات التي نشرتها النيابة العامة في الإمارات عن شبكة متورطة في الصفقة تشمل شخصيات بارزة في السودان، من بينهم صلاح قوش المدير السابق لجهاز المخابرات وأحد أعضاء الجهاز ذاته، بالإضافة إلى مستشار سابق لوزير المالية وشخصيات سياسية لها صلات محسوبة مع قادة السودان أبرزهم عبد الفتاح البرهان وياسر العطا، هذه الشبكة لم تقصر في استخدام أساليب متقدمة للتغطية على نشاطها، حيث أوضحت التقارير أنها استعملت عقودًا وفواتير مزورة تظهر البضائع على أنها سلع غذائية مثل السكر، فيما أبرمت صفقة ضخمة شملت البنادق الكلاشنكوف والرِشاشات والقنابل والذخائر التي تقدر قيمتها بالملايين.

• تهريب حوالي 5 ملايين طلقة ذخيرة عسكرية من نوع “جيرانوف”
• الاستعانة بطائرة خاصة وتصريح مزيف لشحنة أدوات طبية
• تورط شخصيات بارزة في السودان من بينها جنرالات ومسؤولي مخابرات
• استخدام عقود مزورة لتمويه الصفقة على أنها أغذية مثل السكر
• تحويلات مالية مشبوهة عبر شركات مرتبطة بعقوبات دولية

الاتهامات الإماراتية لم تقف عند حدود تهريب الأسلحة والذخائر إلى السودان، بل أظهرت التحقيقات وجود تحويلات مالية مشبوهة تديرها شبكة ضمن نظام “الحوالة دار” عبر شركات يملكها رجل أعمال سوداني-أوكراني يعمل ضمن الإمارات، وهي شركات ترتبط بتقديم طائرات مسيرة وعتاد عسكري، وتخضع لعقوبات أمريكية صارمة، ما يجعل القضية ذات أبعاد أمنية دولية معقدة، خاصة مع استغلال أراضي دولة الإمارات كنقطة عبور للأسلحة الموجهة لمنطقة تشهد نزاعًا داخليًا، وهو أمر ينتهك القوانين الدولية ويشكل تهديدًا مباشراً لأمن الدولة الإماراتية.

وردًا على ذلك، أكدت النيابة العامة الإماراتية أن التحقيقات مستمرة، مع الإشارة إلى قرب إحالة المتورطين إلى محاكمة عاجلة، مع تعهّد بنشر نتائج الإجراءات فور الانتهاء منها، في حين ردت البعثة الدائمة للإمارات في الأمم المتحدة على الاتهامات السودانية بأنها لا تستند على أدلة موضوعية أو تقارير أممية، حيث لم تتضمن تقارير لجنة الأمم المتحدة المتعلقة بالسودان أية إشارة تدين الإمارات أو تثبت تورطها في النزاعات الجارية.

يبقى تهريب الأسلحة والذخائر إلى السودان حلقة من حلقات الصراع السياسي والأمني بين الخرطوم وأبوظبي، يتداخل فيها التحالف والتنافس، ويبقى تأثير هذه القضية مرتبطًا بمستقبل الأمن الإقليمي وواقع العلاقات بين الدولتين، في ظل تعقيدات قانونية ودبلوماسية تتطلب حوارًا مباشرًا أكبر لتفادي تفاقم الأزمة.