«توفير مرتقب» سقف أسعار النفط الروسي هل يغير قواعد السوق في الاتحاد الأوروبي

النفط الروسي يشكل محور اهتمام المفوضية الأوروبية مع اقترابها من طرح آلية جديدة لسقف سعره تتسم بالمرونة ضمن الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات المفروضة على روسيا، حيث تهدف المفوضية لتجاوز الخلافات الداخلية بين الدول الأعضاء حول الطرق السابقة للتسعير، ومواكبة تحركات أسعار النفط المتقلبة عالمياً لتعزيز ضغطها على عائدات الكرملين النفطية وبالتالي تقليص تمويل الحرب دون الإخلال بالتوازنات الدولية

المفوضية الأوروبية وتجديد آلية سقف النفط الروسي

تتجه المفوضية الأوروبية لتحديث سياسة سقف سعر النفط الروسي بعد تجارب عدة لم تحقق التأثير المرجو منذ اعتماد السقف الأول في ديسمبر 2022، إذ إن النموذج السابق الذي كان يعتمد على سعر ثابت صار محدود التأثير في ظل تقلبات السوق العالمية، خاصة مع تراجع أسعار النفط في أوقات عدة إلى ما دون المستويات المحددة، مما أتاح لموسكو الاستمرار في ضخ عائدات مالية مهمة رغم العقوبات المفروضة عليها

كان خفض سعر السقف سابقًا من 60 إلى 45 دولارًا للبرميل محاولة مكثفة لتكييف العقوبات حسب أوضاع السوق، غير أن هذه الخطوة لم تجد إجماعًا تامًا في أوساط مجموعة السبع بسبب اختلاف مواقف الدول، ما دفع المفوضية للبحث عن بدائل أكثر فاعلية تستند إلى مرونة التعديل بما يتماشى مع الواقع الديناميكي لتكاليف النفط

آلية سقف سعر النفط الروسي المرن وعلاقته بالأسواق العالمية

تعتمد الآلية الجديدة المقترحة من المفوضية الأوروبية على ربط سقف سعر النفط الروسي بمتغيرات الأسواق العالمية بدلاً من تثبيت قيمة محددة، ما يعني أنها ستتغير بشكل دوري لتعكس الارتفاعات والانخفاضات السعرية، مع اعتماد نظام مراجعة منتظم يخفف من صعوبة التوافق السياسي في كل تعديل وهذا يصب في اتجاه ضمان استدامة فعالية العقوبات وعدم السماح لروسيا بالاستفادة من أي هبوط مفاجئ في أسعار النفط

يرى دبلوماسيون أوروبيون أن المقترح سيبدأ بتحديد سقف أعلى قليلاً من 45 دولارًا للبرميل مع مرونة التعديل لو استدعت السوق ذلك، ما يجعل النظام أكثر ديناميكية وأكثر قدرة على موازنة تأثير العقوبات مع متطلبات الأسواق العالمية والتقلبات الجيوسياسية، وهذا النموذج يضمن ما يشبه الضبط الذاتي بسعر الخام الروسي

تحديات تطبيق سقف سعر النفط الروسي والنتائج المتوقعة

تواجه المفوضية الأوروبية عدة تحديات في تطبيق سقف سعر النفط الروسي المرن أبرزها ضمان التزام جميع الدول الأعضاء، خصوصًا في ظل معارضة بعض الأعضاء للآليات السابقة التي بدت أقل فاعلية، إضافة إلى ضرورة التنسيق الدولي لتجنب أي ثغرات استغلالية من قبل موسكو أو الدول الداعمة لها

• ضرورة رفع مستوى التعاون والشفافية بين الدول الأعضاء
• تعديل التشريعات التي تسمح بتطبيق العقوبات بمرونة وسرعة
• تفعيل آليات مراجعة منتظمة لمتابعة تحركات السوق وتعديل الأسعار بصورة تلقائية
• تعزيز الرقابة على عمليات تصدير النفط الروسي وإجراءات النقل
• تجنب الخلافات السياسية التي قد تعيق التنفيذ الكامل للآلية

وإضافة إلى ذلك، قد تسهم الآلية الجديدة في الحد من إيرادات روسيا النفطية بشكل أكثر فعالية مقارنة بالسقف الثابت الذي أثبت قصوره، خصوصاً في ظل التوترات السياسية الأخيرة وتأثيرها على أسعار الطاقة عالميًا والتي شهدت ارتفاعًا مؤقتًا في يونيو الماضي

من الواضح أن المفوضية تبحث عن حلول مبتكرة تضمن التوازن بين الضغوط الاقتصادية ومرونة السوق، وفي الوقت نفسه معالجة العقبات السياسية السابقة التي أعاقت فعالية العقوبات النفطية على روسيا، ما قد يمثل تحولًا نوعيًا في آليات العقوبات الأوروبية

يبقى أن نلاحظ كيف ستكون استجابة الأطراف المختلفة لهذا التوجه الأوروبي الجديد في ظل الأوضاع المتقلبة، وما إذا كان هذا السقف المرن سيحقق تأثيرًا ملموسًا على اقتصاد النفط الروسي وحجم إيراداته المالية المتدفقة إلى الكرملين من دون أن يؤدي إلى صدمات غير متوقعة في أسواق الطاقة العالمية