حكم طهارة الكلاب وتربيتها في الإسلام.. الدكتور علي جمعة يشرح الرأي الفقهي والعلمي

كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن نقاط الاختلاف الفقهية حول طهارة الكلاب وسبب اعتبار البعض لها نجسة. هذه القضية أثارت جدلًا واسعًا بين العلماء مستندة على تفسير الأحاديث النبوية، لكنها توضح بجلاء مرونة الإسلام وحرصه على تقديم الأحكام بما يتوافق مع الحكمة والعلم.

حكم نجاسة الكلاب

أشار الدكتور علي جمعة إلى الحديث النبوي: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا إحداهن بالتراب». وناقش اختلاف العلماء حول تفسير هذا الحديث. فالمذهب الشافعي استدل به على نجاسة الكلب، بينما رأى المذهب المالكي طهارته، نظرًا لتكريم الله له وتقديمه منافع عديدة للإنسان مثل الحراسة والصيد. وأضاف الدكتور أن الإمام مالك لم يرفض الحديث، بل رأى أن الأمر تعبدي، مما يعكس رحابة الاجتهاد الفقهي.

وأكّد جمعة أن تقدم العلم كشف أن لعاب الكلاب يحتوي على ميكروب خاص، وأن الحديث النبوي دعا لغسل الإناء بالتراب لهذا الغرض الصحي. لذا، ليس الأمر متعلقًا بالنجاسة بقدر ما هو وقاية من الأمراض، وهو ما يجعل المسألة محل اجتهاد مشروع بين العلماء.

تربية الكلاب في المنزل

بشأن تربية الكلاب، أوضح الدكتور جمعة أن الإسلام لم يعارض اقتناء الكلاب لأغراض مفيدة كالعمل في الصيد أو الحراسة. ووفقًا للمذهب المالكي، يمكن الاعتقاد بطهارة الكلب، مما يساعد على توسيع المجال لتربيته دون قلق.

وأضاف الدكتور أنه إذا لعق الكلب شيئًا في المنزل أو محيطه، فلا بأس في اتباع رأي الإمام مالك الذي يعتبره طاهرًا. ومع ذلك، نصح باتباع الرأي الذي يطمئن له المسلم ويحقق له السكينة.

اختلاف الآراء الفقهية وسماحة الإسلام

أكد الدكتور علي جمعة أنه رغم الاختلاف الفقهي في هذه المسألة، لا ينبغي أن يؤدي الخلاف إلى التنازع أو الابتعاد عن سماحة الدين. الإسلام دين رحمة وتيسير، ويمكن لكل شخص اتباع المذهب الذي يميل إليه مع احترام الرأي الآخر. كما أشار إلى أنه يجوز تسمية الكلاب بأسماء البشر، شريطة الحفاظ على كرامة الإنسان التي تتجاوز مكانة أي مخلوق آخر.

تفسير هذه المسألة يعكس مرونة الفقه الإسلامي واستيعابه لواقع الحياة ومعطيات العلم، ما يجعل الإسلام دين رحمة وعدل يناسب كل زمان ومكان.