«نقطة تحول» دروس من الفتح الأعظم 4-4 ماذا تعلمنا من هذه المعركة التاريخية

النبي يمنع تمييز بني هاشم حينما فتح مكة، لم يجعل آل بيته يسيطرون على أموال المسلمين أو يستحوذون على مناصب خاصة رغم قربهم منه، فقد رفض تجمع الحجابة والسقاية لبني هاشم وأعطى السدانة لعثمان بن طلحة كافراً، ووضح أن أموال الصدقات لا تليق بآل محمد، وأكد على العدل والمساواة بين جميع المسلمين بلا تحيز

النبي يمنع تمييز بني هاشم في توزيع المنافع بعد الفتح

عند فتح مكة، جاء علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب بطلب جمع الحجابة والسقاية لبني هاشم، ولكن النبي يمنع تمييز بني هاشم حيث رفض منحهم هذا الجمع ليحفظ حقوق المسلمين كافة دون تحيز، فأمر بإعطاء السقاية لبني هاشم، أما الحجابة (السدانة) فهي حق يجبى من أموال الكعبة لتحرير شؤون الحجاج، فكانت من نصيب عثمان بن طلحة رغم كفره في حينها، ليقطع بذلك أي طريق يمكن لبني هاشم أن يستغلوا فيه أموال المسلمين أو يعتلوا مالياً على حساب الأمة، وهذا يعكس أن النبي لم يسمح لأسرته بأن يتحولوا إلى طبقة مالية متميزة.

قام العباس بمخاطبة النبي طالباً جمع الحجابة إلى السقاية فوضّح النبي “أعطيكم ما ترزؤون فيه ولا ترزؤون به” بمعنى منحهم ما يقومون به من خدمة وليس ما يكسبونه من أموال، ورفع النبي ذلك عند باب الكعبة مصداقاً لقوله تعالى في سورة النساء {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وأقر المفتاح لعثمان بن طلحة مؤكدًا استقامة الأمر بعدم تمييز الأقارب على سائر المسلمين.

تعزيز المساواة والعدالة.. النبي يمنع تمييز بني هاشم على المسلمين

لم تقتصر سياسة النبي على حرمان بني هاشم من تمييز مالي فقط، بل تجاوزها إلى التأكيد على أن أهل البيت ليسوا مستحقين للصدقات أو الأموال التي يجبيها المسلمون، وذلك حين أتى ربيعة والعباس ليطلبا إمرة الصدقات عن أنفسهم وأبنائهم، فتدخل علي بن أبي طالب مانعًا، لأن النبي يمنع تمييز بني هاشم وأكد أن الصدقات “أوساخ الناس” ولا تنبغي لأهل البيت، فأسلمهم النبي أمر تزويج أبنائهم لضمان استحقاقهم عن طريق الزواج وليس الجباية، وهو ما يدل على حسن تدبير الرسول بعدم السماح لأي انحياز أو امتياز عقاري لأقرب الناس إليه.

هذا الموقف يعبر عن رؤية النبي لعدم تسليط أي قبيلة أو أسرة خاصة في أمور الدين والتكسب من أموال المسلمين، مما يغلق بابا محوريا لتداخل الحاكمية الدينية مع مغانم الدنيا لفئة بعينها، ويعزز مبدأ التواضع والعدالة الاجتماعية التي يجب أن تتحكم في نظام الحكم الإسلامي.

لماذا النبي يمنع تمييز بني هاشم رغم قربهم منه؟

يتوضح من سلوك النبي – صلى الله عليه وسلم – خلال الفتح أن الهدف كان بناء مجتمع متوازن قائم على العدل وليس السيطرة العائلية وقد اتضح ذلك من خلال النقاط التالية:

• اقفال كل باب يمكن منه دخول المال لبني هاشم بهدف منع الاستغلال المالي للدعوة
• تأكيد احترام مواقع الرجال الكبار في قريش مثل عثمان بن طلحة رغم اختلاف الدين، حماية للنظام العام
• المحافظة على أن الفتح كان رحمة وتخليصا لا انتصارًا تسلطيا وإقصائيا من أجل العشيرة
• رفض تمكين بني هاشم من تولي أدوار تجارية ومالية خاصة والتي قد تؤدي إلى تسيب السلطة وفسادها
• إعمال شرع الله والعدل في توزيع المنافع وحتى مع الأعداء قبل الأقارب

وبذلك، وضع النبي نظاما واضحا يمنع فيه أي نفوذ مالي أو سياسي خاص على حساب بقية المسلمين، وسجل هذه السياسة قانونًا سماوياً في سورة النساء لتكون قاعدة مستدامة.

كانت توجهات النبي تسير دائماً نحو حذف التمييز والاحتكار المالي والسياسي، فالفتح لم يكن فرض تسلط جديد بل تدعيم قانون وشريعة تقوم على المساواة وأداء الأمانات إلى أهلها دون إسراف أو ظلم.

النبي يمنع تمييز بني هاشم ليُظهر أن قيادة الرسالة ليست لأهل النسب وحدهم، بل لكل المؤمنين، فكان العدل مبدأ ثابتًا والرحمة ميزة أساسية في التعامل بين الناس مهما كانت القرابات.